وما هو يا أمير المؤمنين؟ قال : قوله عزّ وجلّ حين حكى عن موسى قوله : ( وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً ) فأنت منّي يا علي بمنزلة هارون من موسى وزيري من أهلي وأخي ، شدّ الله به أزري وأشركه في أمري ، كي نسبّح الله كثيرا ونذكره كثيرا ، فهل يقدر أحد أن يدخل في هذا شيئا غير هذا؟ ولم يكن ليبطل قول النبي صلّى الله عليه وسلّم ، وأن يكون لا معنى له.
قال : فطال المجلس وارتفع النهار ، فقال يحيى بن أكثم القاضي : يا أمير المؤمنين ، قد أوضحت الحق لمن أراد الله به الخير ، وأثبت ما لا يقدر أحد أن يدفعه ، قال إسحاق : فأقبل علينا وقال : ما تقولون؟ فقلنا كلّنا : نقول بقول أمير المؤمنين أعزّه الله ، فقال : والله لو لا أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : اقبلوا القول من الناس ، ما كنت لأقبل منكم القول.
اللهم قد نصحت لهم القول ، اللهم إني قد أخرجت الأمر من عنقي ، اللهم أدينك بالتقرّب إليك بحبّ علي وولايته » (١).
ثمّ إنّ « ابن عبد ربّه » القرطبي من مشاهير علماء أهل السنّة وأدبائهم ، وكتابه « العقد الفريد » من الكتب المشهورة والأسفار الممتعة :
١ ـ قال ابن ماكولا : « أحمد بن محمّد بن عبد ربّه بن حبيب بن جدير ابن سالم ، مولى هشام بن عبد الملك بن مروان ، أبو عمر ، أندلسي مشهور بالعلم والأدب والشعر ، وهو صاحب كتاب العقد في الأخبار ، وشعره كثير جدا ، وهو مجيد » (٢).
٢ ـ ابن خلكان : « كان من العلماء المكثرين من المحفوظات والاطلاع
__________________
(١) العقد الفريد ٥ / ٣٤٩.
(٢) الإكمال ٦ / ٣٦.