« أحمد بن الحسين بن علي بن عبد الله بن موسى الحافظ ، أبو بكر البيهقي النيسابوري الخسروجردي ، كان الإمام البيهقي أحد أئمة المسلمين وهداة المؤمنين والدعاة إلى حبل الله المتين ، فقيه جليل ، حافظ كبير ، اصولي نحرير ، زاهد ورع ، قانت لله ، قائم بنصرة المذهب ، اصولا وفروعا ، جبلا من جبال العلم. اشتغل بالتّصنيف بعد أن صار أوحد زمانه وفارس ميدانه ، وأحذق المحدّثين ذهنا وأسرعهم فهما وأجودهم قريحة ، وبلغت تصانيفه ألف جزء ، ولم يتهيّأ لأحد مثلها.
أمّا السنن الكبير فما صنّف في علم الحديث مثله تهذيبا وترتيبا وجودة ، وأما المعرفة معرفة السنن والآثار فلا يستغني عنه فقيه شافعي ، وسمعت الشيخ الإمام [ الوالد ـ ظ ] رحمهالله يقول : مراده معرفة الشافعي بالسنن والآثار ، وأمّا المبسوط في نصوص الشافعي فما صنّف في نوعه مثله ، وأمّا كتاب الأسماء والصفات فلا أعرف له نظيرا ، وأمّا كتاب الاعتقاد ، وكتاب دلائل النبوة ، وكتاب شعب الإيمان ، وكتاب مناقب الشافعي ، وكتاب الدعوات الكبير ، فأقسم ما لواحد منها نظير ، وأمّا كتاب الخلافيات فلم يسبق إلى نوعه ولم يصنف مثله ، وهو طريقة مستقلة حديثية لا يقدر عليها إلاّ مبرز في الفقه والحديث.
قال عبد الغفار : وكان على سيرة العلماء ، قانعا من الدنيا باليسير ، متجمّلا في زهده وورعه ، عاد إلى الناحية في آخر عمره ، وكانت وفاته بها.
قال شيخنا الذهبي : كان البيهقي واحد زمانه ، وفرد أقرانه ، وحافظ أوانه ...
وقال إمام الحرمين : ما من شافعي إلاّ وللشافعي عليه منّة إلاّ البيهقي ، فإنّه له على الشافعي منّة ... ».