وحيث أنّ الحاضرين في مجلس المناظرة سلّموا بإقرار إسحاق بن إبراهيم بصحة الحديث ، وقد كانوا ثلاثين رجلا من كبار الفقهاء ومشاهير العلماء مع قاضي القضاة يحيى بن أكثم ... فإنّ تسليمهم بذلك يعتبر قبولا لصحة الحديث ، ودليلا على اعتقادهم بثبوته ... بناء على ما ذكره ( الدهلوي ) ـ في مواضع من كتابه ، وتبعه تلميذه ( الرشيد ) ـ من أن السّكوت دليل التسليم والقبول ...
بل قال يحيى بن أكثم في نهاية البحث مخاطبا المأمون : « يا أمير المؤمنين ، قد أوضحت الحق لمن أراد الله به الخير ، وأثبتّ ما لا يقدر أحد أن يدفعه » وهذا يقتضي اعترافه بصحّة حديث الطّير سندا ، وأنّه يدلّ على مطلوب أهل الحق ولا يقدر أحد أن يدفعه لأنّه من جملة ما أثبته المأمون في بحثه ، وأوضح به الحق لمن أراد الله به خيرا.
وكيف يظنّ بهؤلاء جميعا أنّهم صحّحوا ما ليس بصحيح ، أو صرّحوا بصحّة الباطل أكمل التصريح؟!
إنّه وإن أبى بعض علمائهم كالعسقلاني وابن حجر المكي التنصيص على صحّة حديث الطير ، لكنّهم ذهبوا إلى حسنه وصرّحوا بذلك كما ستدري عن كثب إن شاء الله ...
ومن المعلوم أنّ الحديث الحسن يحتجّ به كالصحيح ، بل ذهب بعض العلماء إلى أنّه قسم من الصحيح ، وعليه ، فإن القول بحسن حديث الطير يؤيّد ما يذهب إليه أهل الحق من القول بصحّته ، وهو المطلوب.
لقد احتجّ المأمون العبّاسي بحديث الطير كما سيأتي ، وهكذا الشيخ أبو