و الملازمة ممنوعة.
الرابع: أن يردّ بعد القبض و قبل القبول، فإنّها تبطل؛ لأنّ القبول جزء السبب و قد حصل الردّ قبله، فيبطل العقد، كما لو لم يكن قبض؛ إذ القبض لا عبرة به، و لا مدخل له في التملّك.
مسألة ١٠: إذا ردّ الموصى له الوصيّة،
ففي كلّ موضع يصحّ ردّه فيه فإنّ الوصيّة فيه تبطل بالردّ، و يرجع إلى التركة، فيكون لجميع الورثة؛ لأنّ الأصل ثبوت الحقّ لهم، و إنّما خرج بالوصيّة، فإذا بطلت الوصيّة رجع إلى ما كان عليه، كأنّ الوصيّة لم توجد.
و لو عيّن بالردّ واحدا و قصد تخصيصه بالمردود، لم يكن له ذلك، و كان لجميعهم؛ لأنّ ردّه امتناع من تملّكه، فيبقى على ما كان عليه، و لأنّه لا يملك دفعه إلى أجنبيّ فلم يملك دفعه إلى وارث يخصّه به.
و كلّ موضع امتنع الردّ؛ لاستقرار ملكه عليه، فله أن يخصّ به واحدا من الورثة؛ لأنّه ابتداء هبة و تمليك، و لأنّه يملك أن يدفعه إلى أجنبيّ فملك أن يدفعه إلى وارث.
فإذا قال: رددت هذه الوصيّة لفلان، قيل له: ما أردت بقولك:
«لفلان»؟ فإن قال: أردت تمليكه إيّاها و تخصيصه بها، فقبلها، اختصّ بها إذا أتى بإيجاب الهبة، و إن قال: أردت ردّها إلى جميعهم لرضا فلان، عادت إلى جميعهم إذا قبلوها، و لو قبلها بعضهم دون بعض فللقابل حصّته منها خاصّة، و حصّة غيره للرادّ.
و قالت الشافعيّة: إذا قال الموصى له: رددت الوصيّة لفلان، يعني أحد الورثة، ففي الأمّ: إن قال: أردت لرضاه، كان ردّا على جميع الورثة،
و إن قال: أردت تخصيصه بالردّ عليه، فهو هبة منه خاصّة(١).
قال بعضهم: هذا مفرّع على تصحيح الردّ بعد القبول، و إلاّ فما لا يملكه لا يمكنه أن يملّكه غيره، ثمّ لم يعتبر لفظ الهبة و التمليك، و لا بدّ منه، و هو القياس عندهم(٢).
و لو مات و لم يبيّن مراده، جعل ردّا على جميع الورثة، فإذا لم يقبل الموصى له و لم يردّ فللوارث مطالبته بأحد الأمرين، فإن امتنع حكم عليه بالردّ.
تنبيه: يحصل الردّ بقول الموصى له: رددت الوصيّة، أو: لا أقبل الوصيّة، و ما يقوم مقام ذلك من ألفاظه و يؤدّي معناه.
آخر: لو كانت الوصيّة لاثنين فقبل أحدهما و ردّ الآخر، رجع نصيب الرادّ إلى جميع الورثة، كالواحد.
و قال ابن الجنيد: لا يرجع نصيب الرادّ إلى الورثة. و ليس بجيّد.
البحث الثالث: في سبب التملّك.
مسألة ١١: اختلف علماؤنا في أنّ الموصى له متى يملك ما أوصي له به ؟
قال في المبسوط: الأقوى أن يقال: إنّ الشيء الموصى به ينتقل إلى ملك الموصى له بوفاة الموصي، و قد قيل: إنّه بشرطين: بالموت، و قبول الموصى له. و قيل: إنّه مراعى، فإن قبل علم أنّه انتقل بالموت إليه، و إن ردّ علم أنّه بالموت انتقل إلى الورثة.
١- العزيز شرح الوجيز ٦٤:٧، روضة الطالبين ١٣٥:٥-١٣٦.
٢- العزيز شرح الوجيز ٦٤:٧، روضة الطالبين ١٣٦:٥.
ثمّ قال: و على ما قلناه لو أهلّ هلال شوّال و قد مات الموصي و قد أوصى له بجارية و لم يقبل الموصى له بعد، لزمه فطرتها، و على القولين الآخرين لا تلزمه، و إنّما رجّحنا الأوّل؛ لقوله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ (١) فأثبت الميراث بعد الوصيّة و الدّين، و لم يقل: بعد وصيّة و قبول الموصى له، فوجب أن لا يعتبر ذلك(٢).
و قال قبل ذلك: إذا مات الموصي متى ينتقل الملك إلى الموصى له ؟ قيل: فيه قولان:
أحدهما: إنّه ينتقل بشرطين: بوفاة الموصي، و قبول الموصى له، فإذا وجد الشرطان انتقل الملك عقيب القبول.
و القول الثاني: إنّه مراعى، إن قبل الوصيّة تبيّنا أنّه انتقل إليه الملك بوفاته، و إن لم يقبل تبيّنا أنّ الملك انتقل إلى الورثة بوفاته.
و قيل: فيه قول ثالث، و هو: إنّ الملك ينتقل إلى الموصى له بوفاة الموصي، مثل الميراث يدخل في ملك الورثة بوفاته، فإن قبل ذلك استقرّ ملكه عليه، و إن ردّ ذلك انتقل عنه إلى ورثته، و هذا قول ضعيف لا يفرّع عليه(٣) ، مع أنّه قال أوّلا: إنّه ينتقل بموت الموصي.
و قال في الخلاف: إذا أوصى له بشيء فإنّه ينتقل إلى ملك الموصى له بوفاة الموصي(٤).
و قال ابن الجنيد: فإن اكتسب العبد بعد موت السيّد و قبل قبول٨.
١- سورة النساء: ١١.
٢- المبسوط - للطوسي - ٣٣:٤-٣٤.
٣- المبسوط - للطوسي - ٢٨:٤.
٤- الخلاف ١٤٦:٤، المسألة ١٨.