البحث الرابع: في المسائل المتفرّعة على المذهبين.
قد بيّنّا أنّ الأقوال في ملك الموصى له متى يكون ؟ ثلاثة:
أحدها: إنّه يملك بالموت، و هو رواية أبي ثور عن الشافعي(١).
و الثاني - و به قال أبو حنيفة و مالك و أحمد(٢) -: إنّه يملك بالقبول، و على هذا فالملك قبل القبول للوارث، أو يبقى للميّت ؟ فيه و جهان للشافعيّة، أصحّهما: الأوّل.
و الثالث - و به قال المزني، و هو الأصحّ عندهم(٣) -: الوقف، فإن قبل ظهر أنّه ملك من حين الموت، و إلاّ تبيّنا أنّه كان ملكا للوارث من ذلك الوقت.
و فرّع الفقهاء على ذلك مسائل.
مسألة ١٢: لو كان الموصى به عبدا كسوبا فكسب شيئا،
أو شجرة فأثمرت، أو دابّة فحملت، و بالجملة سائر زوائد الموصى به إن حصلت قبل موت الموصي، فهي للموصي؛ لأنّه قبل موته مالك للعين إجماعا، فتتبعه الزيادات المتّصلة و المنفصلة، و الوصيّة لا تتناول المنفصلة منها؛ لأنّها عين حصلت في ملك الموصي، و ليست جزءا من مسمّى الموصى به، فلا تندرج تحته.
و إن حصلت بعد موته و بعد القبول، فهي للموصى له؛ لأنّها حصلت و قد ملك العين.
١- العزيز شرح الوجيز ٦٥:٧.
٢- راجع: الهامش (٢) من ص ٢٩.
٣- راجع: الهامش (١) من ص ٣٠.
و إن حصلت بعد موته و قبل القبول، فإن قلنا: الملك يحصل بالموت، فهي للموصى له، قبل الوصيّة أو ردّها؛ [لأنّها حصلت](١) بعد تمام الملك للموصى له، حيث جعلنا الملك تابعا للموت خاصّة.
و للشافعيّة فيما إذا ردّ الوصيّة وجه: أنّ الزوائد تتبع العين في الردّ أيضا؛ لأنّا تبيّنا أنّ سبب الملك لم يستقر(٢).
و إن قلنا: يحصل بالقبول، فلا تكون الزوائد للموصى له، سواء قبل الوصيّة أو ردّها؛ لأنّها حدثت قبل حصول ملكه.
و للشافعيّة فيما إذا قبل الوصيّة وجه: أنّها تكون للموصى له؛ لأنّ حقّ التملّك من وقت الموت، فهي حادثة على محلّ حقّه(٣).
و إن قلنا بالتوقّف، فهي موقوفة أيضا، كالأصل، فطن قبل الوصيّة فهي له، و إلاّ فلا.
و كلّما قلنا: إنّ الزوائد ترتدّ فإلى من ترتدّ؟ للشافعيّة و جهان:
أحدهما: إلى الموصي حتى تكون من جملة تركاته تقضى بها ديونه و تنفذ وصاياه، كالأصل.
و أصحّهما: أنّها تكون للوارث؛ لحدوثها بعد زوال ملك الموصي(٤) ، و هو الوجه عندي.
مسألة ١٣: لو أوصى بعبده لزيد ثمّ مات ثمّ أهلّ شوال قبل القبول
ثمّ قبل، فإن قلنا: إنّه ينتقل بالموت، فالفطرة على الموصى له، و إن قلنا بالقبول، فالفطرة على الوارث، و إن قلنا بالوقف، فإن قبل تبيّنّا الملك حين
١- بدل ما بين المعقوفين في النّسخ الخطّيّة و الحجريّة: «لأنّه حصل». و المثبت يقتضيه السياق. (٢الى٤) العزيز شرح الوجيز ٦٦:٧، روضة الطالبين ١٣٧:٥.