و إن كان اشترى ابنه [بمائة](١) و مات و خلّف ابنا آخر و مائة أخرى، ففي إحدى الروايتين عن أحمد: يعتق، و يقاسم أخاه المائة الباقية، و في الأخرى: يعتق منه ثلثاه، و يرث أربعين، و يعتق باقيه على أخيه، و لا يرث بذلك [الجزء](٢) شيئا؛ لأنّ عتقه حصل بعد موت أبيه(٣).
و عند الشافعي: يعتق ثلثاه، و لا يرث(٤).
و قال أبو حنيفة: يعتق ثلثاه، و يسعى في باقيه، و لا يرث(٥).
و عند صاحبيه: يعتق كلّه، و لا يرث شيئا، فإن كان قد تصدّق قبل ذلك بثلثه أو حابى به، لم يعتق؛ لأنّ الثّلث قد ذهب(٦).
مسألة ٢٣: لو أوصى للمريض بمن يعتق عليه،
فمات قبل القبول، فقبل وارثه، فإن حكمنا بحصول الحرّيّة عند القبول لم يرث من الموصى له؛ لتأخّر عتقه عن موته و انتقال التركة إلى القابل قبل العتق.
و إن حكمنا بحصولها عند الموت، فإن كان القابل من يحجبه الموصى به كالأخ لو قبل الوصيّة بابن الميّت أخيه، فالأقرب: أنّه لا يرث؛ لأنّ تركة الموصى له انتقلت بموته إلى أخيه، و الابن الموصى له به بعد لم ينتقل إليه؛ لكون الموصي حيّا، فإذا قبله ينبغي أن لا يرث؛ لأنّ عتقه لم يصادف تركة للميّت.
و أمّا العامّة فقالوا: إنّه لا يرث أيضا، لكن بعلّة أخرى، و هي: أنّه لو ورث لحجب الأخ و أخرجه عن أن يكون وارثا، و إذا خرج عن أن يكون وارثا بطل قبوله، فبقي(١) رقيقا، فيمنع توريثه، فإذن في توريثه إبطال
١- في «ر»: «فيبقى».
توريثه(١).
و هذا بناء على أنّ الولد يدخل في ملك الموصى له أو لا؟
و لو كان القابل من لا يحجبه الموصى به، كابن آخر حرّ، فللشافعيّة ثلاثة أوجه:
أحدها: أنّه يرث؛ لأنّ توريثه لا يؤدّي إلى حرمان القابل، فصار كما لو مات عن ابن مشهور النسب فأقرّ بابن آخر يرثان معا، و لو مات عن أخ فأقرّ بابن للميّت ثبت نسبه و لم يرث عندهم.
و أظهرها: المنع من الإرث؛ لأنّا لو ورّثناه لارتدّ حقّ القابل من القبول في الكلّ إلى القبول في النصف، و لا يصحّ من الموصى به أن يقبل نصيب نفسه؛ لأنّه إنّما يقبل إذا كان وارثا، و إنّما يكون وارثا إذا عتق، و إنّما يعتق إذا قبل، فإذن يبقى نصيبه رقيقا، و من بعضه رقيق لا يرث عندهم كمن كلّه رقيق.
و فرّقوا بين هذا و بين إقرار الابن بابن آخر؛ لأنّهما حينئذ يقرّان بأنّهما ابنا الميّت، فورثا المال، و هنا العتق في جميعه لا يصحّ إلاّ بقبول من يحوز جميع التركة، و لا مدخل للمقبول في القبول، فلو لم يكن الأوّل جائزا بطل القبول من أصله.
و الوجه الثالث: أنّه إن ثبت القبول للموصى له و هو مريض، لم يرثه؛ لأنّ قبول ورثته كقبوله، و أنّه لو قبله لكان وصيّة، و الإرث و الوصيّة لا يجتمعان، و إن ثبت و هو صحيح ورثه(٢).
مسألة ٢٤: لو أوصى لرجل بزوجته الحامل من الزوج و هي أمة
١- العزيز شرح الوجيز ٧٢:٧، روضة الطالبين ١٤٠:٥.
٢- العزيز شرح الوجيز ٧٢:٧-٧٣، روضة الطالبين ١٤٠:٥.