و يحتمل أن يرجع إلى نيّته، فإذا قال: نويت أنّه له بعد الموت، كان وصيّة؛ لاحتمال اللفظ له، و هو أعرف بنيّته و قصده، فيرجع إليه فيه.
و لو قال: عيّنته له، فهو كناية؛ لأنّه يحتمل التعيين للتمليك بالوصيّة و التعيين للإعارة و الإخدام في الحال، فلا ينصرف إلى الوصيّة إلاّ بالتعيين، فإن عيّن صحّت بالكناية مع النيّة.
و للشافعيّة و جهان، أحدهما: تنفذ(١).
و تتعيّن الوصيّة بالكنايات جزما؛ لأنّ الوصيّة في نفسها تقبل التعليق بالأغرار، فأشبهت ما يقبل التعليق بالأغرار، كالكتابة، و الخلع [فإنّه] ينعقد بالكناية مع النيّة، فالوصيّة أولى؛ لأنّها إذا قبلت التعليق بالأغرار فبأن تقبل الكنايات أولى، و لأنّ الوصيّة لا تفتقر إلى القبول في الحال، فيشبه ما يستقلّ به الإنسان من التصرّفات.
مسألة ١: لا تنعقد الوصيّة إلاّ باللفظ مع القدرة عليه،
فلو كتب بخطّه: إنّي قد أوصيت لفلان بكذا، لم ينفذ إذا كان الشخص ناطقا - قاله بعض الشافعيّة(٢) - كما لو قيل له: أوصيت لفلان بكذا؟ فأشار أن نعم.
و يحتمل القبول مع قيام الإشارة مع الكتابة مقام التصريح باللفظ في العلم بما دلّ اللفظ عليه من الوصيّة، و لأنّ الكتابة بمثابة كنايات الألفاظ، و قد بيّنّا جواز الوصيّة بالكناية التي ليست صريحة في دلالتها عليها مع القرينة، فإذا كتب و قال: نويت الوصيّة لفلان، أو اعترف الورثة بعد موته به، وجب أن تصحّ.
أمّا لو اعتقل لسانه و لم يتمكّن من النطق فكتب الوصيّة أو أشار بما
١- الوجيز ٢٧٣:١، العزيز شرح الوجيز ٦٢:٧، روضة الطالبين ١٣٤:٥.
٢- العزيز شرح الوجيز ٦٢:٧، روضة الطالبين ١٣٤:٥.