الطريق الثاني: القطع بالمنع، و حمل القول الآخر على ما إذا أوصى و أذن للوصي في أن يوصي إلى من يرى.
الثالث: القطع بالجواز(١).
مسألة ٢٨٨: لو قال: أوصيت إليك و أذنت لك أن توصي،
فإمّا أن يعيّن من يوصي إليه، أو لا يعيّن، فإن لم يعيّن بل قال: أوص بتركتي إلى من شئت، أو قال: من أوصيت إليه فهو وصيّي، فأوصى بها إلى رجل، صحّ.
و للشافعيّة طريقان:
أصحّهما: أنّ في صحّة الوصيّة قولين:
أحدهما: المنع؛ لأنّ إذنه قد بطل بالموت، فلا يجوز أن ينصب عنه نائب حين لا إذن له، كما لو و كّل وكيلا و أذن له في التوكيل فعزله ثمّ و كلّ الوكيل عنه، لا يجوز، و لأنّه يلي بتولية فلا يصحّ أن يوصي، كالوكيل، و لأنّه يوصي عنه في وقت لا يملك هو العقد.
و الثاني: الجواز - كما قلناه نحن، و به قال مالك و أبو حنيفة - لأنّ للأب أن يوصي، فكان له أن يستنيب في الوصيّة، كما في الوكالة، و لأنّ نظره للأطفال بعد الموت متّبع بدليل اتّباع شرطه فيما إذا أوصى إلى رجل إلى أن يبلغ ابنه، و كذا إن أوصى إلى رجلين و شرط استقلال أحدهما إذا مات الثاني، تبع شرطه، و لأنّ الأب له أن يوصي، فكان له أن يستنيب في الوصيّة، كالإمام لمّا ملك أن يوصي ملك أن يوصي بالوصيّة، و الوكيل ملك أن يوكّل فملك أن يوكّل في التوكيل.
١- العزيز شرح الوجيز ٢٧٣:٧-٢٧٤، روضة الطالبين ٢٧٥:٥.