والمتجزّي ليس بمجتهد ؛ لأنّ كون الاستحضار لجميع المسائل الفقهيّة مع أدلّتها مقدّمة لتحصيل الظنّ المعتبر في المسألة الواحدة شيء لا يقربه الإنكار ، لارتباط بعضها ببعض ارتباطا تامّا يقينا لا سيّما العبادات بالعبادات ، والمعاملات بالمعاملات ، فلا يمكن العلم بعدم المانع ممّا فهمه هذا المتجزّي ، ولأنّ ظاهر « انظروا إلى رجل نظر في أحكامنا ، وعرف حلالنا من حرامنا » (١) ينادي بالإحاطة.
ويدلّك على هذا أيضا ما تشاهد من أرباب الصنائع ، فإنّ أحدا لا يمكنه تنجير مفتاح كما هو حقّه إلّا وأن يكون عنده ملكة هذه الصنعة التي بها يقتدر على جميع أفرادها.
ولو نزلنا وقلنا بإمكان حصول معرفة تامّة بتنجير المفتاح فقط كما هو حقّه ، فلا يسمّى نجّارا ولا يرجع إليه ، ولو سمّي فيسمّى نجّار المفتاح لا غير ، فلا نزاع فيها ، ولكنّها شيء يستهجنه العرف.
نخبة :
حكم الله في نفس الأمر واحد مطلقا ، فمن أصابه فهو المصيب ، وإلّا فمخطئ معذور في الفروع دون الاصول. هذا هو المشهور ، ولكن لي على من فرّق بين الاصول والفروع بثبوت الإثم في الأوّل إذا أخطأ دون الثاني كلام ، وبعد هذا لي على من فرّق بين التصويب والتخطئة في الفروع كلام ، وبعد ثبوت الفرق فللتصويب وجه ، وله نظائر وشواهد وإن لم نقل به.
نخبة :
لا بدّ في المجتهد المفتي أن يكون اثني عشريّا عدلا ، فإذا حكم بأن قال : حكمت بكذا ، أو أنفذت ، أو ألزمت ، أو أدفع إليه ماله ، أو اخرج من حقّه ونحوه فمتعلّقه لا يكون
__________________
(١) الكافي ، ج ١ ، ص ٦٧ ، باب اختلاف الحديث ، ح ١٠ ؛ وج ٧ ، ص ٤١٢ ، باب كراهية الارتفاع إلى قضاة الجور ، ح ٥ ؛ تهذيب الأحكام ، ج ٦ ، ص ٢١٨ ، ح ٦ ؛ وسائل الشيعة ، ج ١ ، ص ٣٤ ، ح ٥١. وفي كلّها : « نظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا » .