إلّا شخصيّا بخلاف الفتوى فإنّ متعلّقها كلّي ، فلا يجوز له ولا لغيره نقض حكمه إلّا إذا خالف قطعيّا ، ولا يجوز الرجوع عمّن استفتى منه إلى غيره المخالف له ، (١) ولا يجوز له تقليد غيره.
كلّ ذلك بالإجماع ، ولا يجب عليه تجديد النظر ما دام ثابتا على نظره الأوّل ولو طال الزمان.
نخبة :
كلّ من لم يبلغ رتبة الاجتهاد مهما أمكنه الجهد في دليل المسألة ولو بالسؤال عن المجتهد ، لا يجوز له التقليد ، وعند عدم الإمكان يقلّد من عرف بأيّ طور كان أنّه مجتهد اثنا عشري عدل ، فإن جهل لزمه البحث ، فإن عمل بقوله قبله ثمّ تبيّن الخلاف ، فهو فاسد ، ولا كذلك بعده.
وإذ اجتمع اثنان فأكثر واختلفوا ، يرجع إلى الأفقه والأعدل والأورع والأصدق ، وإن لم يجد يجب عليه السعي.
ولا يجوز الرجوع إلى الميّت مع وجود الحيّ إلّا إذا اطمأنّ النفس بالميّت دون الحيّ ، والإجماع المدّعى على خلافه مخترع.
ربّ اجعل هذا بلدا آمنا ، وارزق أهله من الثمرات ، ولو لا قال الله تعالى : ﴿ لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ﴾(٢) لرأيتني تكلّمت أكثر مما تكلّموا ، وتعرّضت أكثر مما تعرّضوا ، ولكن رأيت تعرّضهم لأكثر من هذا إعراضا عن أنفسهم العزيزة ، وإعراضي تعرّضا لنفسي العزيزة فأختم الكلام بقوله تبارك وتعالى : ﴿ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ؛ ﴾(٣)﴿ إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً ﴾(٤) والحمد لله
__________________
(١) الف : ـ ولا يجوز الرجوع عمّن استفتى منه إلى غيره المخالف له.
(٢) النساء (٤) : ١١٤.
(٣) البقرة (٢) : ١٢٠.
(٤) الإنسان (٧٦) : ٢٧.