وأصرّ عليه غاية الإصرار (١) .
وهذا القول مع ما فيه من الشذوذ ـ كما ترى ، سيّما بعد ما مضى ـ لا وجه له ، عدا وجوه ضعيفة قاصرة عن الدلالة عليه :
منها : أنّه لو لم يصحّ ولم يجز ذلك لزم الحرج ؛ واللازم باطل ، فكذلك الملزوم.
أمّا بطلان اللازم فظاهر بعد قيام الدليل من الكتاب والسنّة المعتبرة والإجماع ، بل العقل أيضا ـ ولو في الجملة ـ على نفي الحرج في الشريعة.
وأمّا الملازمة فلما نقل عن بعض من أنّ كثيرا من الأزمنة والأمكنة خال عن المفتي وعن التوصّل إليهم ، ولو لم يجز ذلك لزم الحرج.
وفيه ما لا يخفى من المنع المتوجّه إلى كلّ من الملازمة وبطلان اللازم ، خصوصا بعد ملاحظة كون المفروض إمكان الوصول إلى المفتي الحيّ الجامع للشرائط بسهولة ، ومعارضة العموم الدالّ على نفي الحرج في الشريعة بالمثل ، بل بالأرجح منه ممّا دلّ على المختار من العمومات ، فضلا عن الخصوص الدالّ عليه ، المؤيّد أو المعتضد بما مرّت إليه الإشارة.
مضافا إلى عدم انحصار المخلّص من الحرج في تقليد الميّت والعمل بفتواه ؛ لإمكان الاحتياط وغيره لو لم نقل بسقوط التكليف حينئذ رأسا ، فتفطّن.
مضافا إلى انتقاضه بما إذا لم يتمكّن من تقليد الميّت أيضا ومعارضته به ، وورود جميع ما ذكر حينئذ حرفا بحرف ، فكلّ ما هو المخلّص عن هذا ، فهو المخلّص عن ذاك ؛ فتأمّل.
ومنها (٢) : أنّه لو لم يصحّ ولم يجز ذلك لما أجمعوا على النقل عن السلف ، وعلى وضع الكتب ؛ والتالي باطل ، فكذا المقدّم.
__________________
(١) ولا يبعد أن يراد به المحقّق القمّي حيث ذهب إلى جواز تقليد الميّت وأصرّ على هذا ، انظر ما حكاه عنه في مطارح الأنظار ، ص ٢٥٧.
(٢) انظر هذه الأدلّة في مفاتيح الاصول ، ص ٦٢٠ ؛ مطارح الأنظار ، ص ٢٥٣.