ولا شكّ في أنّ الترجيح مع هذا دون ذاك ؛ فتأمّل.
وأمّا ثالثا : فلأنّ الاستصحاب لا يعارض الدليل ، كما تقرّر في محلّه ؛ فتدبّر.
وأمّا رابعا : فلمعارضته ـ مع الغمض عمّا مرّ ـ بما هو أقوى وأرجح ممّا مرّ من وجوه شتّى لا تكاد تخفى ؛ فتأمّل.
ومنها : العمومات المانعة من نقض اليقين بغير اليقين على تقدير مغايرتها للاستصحاب ، بالتقريب المشار إليه.
وفيه أيضا ما لا يخفى ، سيّما بعد ما مضى آنفا وسابقا.
ومنها : أنّ الإنسان إذا علم أنّ جواز استفتاء المقلّد من المفتي إنّما لأجل كونه مخبرا عن الله تعالى ، يحصل له القطع بأنّ حياته ومماته ممّا لا يحتمل أن يكون مؤثّرا في ذلك.
وفيه ما لا يخفى من المنع ، وكونه مصادرة على المطلوب.
ومنها : عموم النبوي المرسل : « علماء امّتي كأنبياء بني إسرائيل » (١) إذ قضيّة عموم التشبيه والمنزلة صحّة العمل بفتوى الميّت ، وجواز العمل بقوله ، كما يجوز ويصحّ العمل بقول هؤلاء الأنبياء بعد الموت.
وفيه ما لا يخفى.
ومنها : ما قاله بعض الأعاظم من المشايخ طاب ثراه : من أنّه لا ريب أنّ الحياة والموت لا مدخليّة لهما في الظنّ بحكم الله الواقعي ، بل إنّما هو تابع للمأخذ ، فمتى يحصل الظنّ للمستفتي بحكم الله الواقعي ، تعيّن عليه الأخذ به ، سواء كان حيّا أو ميّتا.
وفيه ما لا يخفى ، أمّا أوّلا : فلأنّ هذا إنّما يتمّ لو كان التقليد والعمل بفتوى المفتي للمستفتي من باب الظنّ بالحكم الواقعي ، وهو أوّل الدعوى ، بل ممنوع. كيف ؟
__________________
(١) رواه العلّامة في كتاب تحرير الأحكام ، ج ١ ، ص ٣٨ ؛ وابن أبي جمهور في عوالي اللآلي ، ج ٤ ، ص ٧٧ ، ٦٧ والشهيد الثاني في منية المريد ، ص ١٨٢ ؛ والعلّامة المجلسي في بحار الأنوار ، ج ٢ ، ص ٢٢ ، ح ٦٦ ، و٢٤ ، ص ٣٠٧. وهذا الحديث لم يرد في المجاميع الحديثيّة القديمة.