ومنها : ما تمسّك به جماعة هنا ، من قبح ترجيح المفضول على الفاضل ، وقبح ترجيح المرجوح على الراجح بحكم العقل القاطع (١) .
مضافا إلى الإجماع المنقول في منية اللبيب على وجوب ترجيح الراجح على المرجوح ؛ فتأمّل.
ومنها : الاستقراء في الطريقة الجارية بين العقلاء كافّة ، حيثما احتاجوا إلى رجوعهم إلى أهل الخبرة من الحرف والصنائع والعلوم ، من رجوعهم مهما أمكن إلى أكملهم وأعلمهم والأشدّ خبرة منهم ، خصوصا فيما إذا وقع الاختلاف فيما بين أهل الخبرة ، وهذه طريقة شائعة ذائعة مسلّمة.
وبالجملة ، الطباع مجبولة بالوقوف بالأكمل والأعلم والأفضل والأشدّ خبرة وثوقا أشدّ من الوثوق بغيره من حيث هما كذلك.
بل الطباع حينئذ مجبولة بعدم الاعتناء بغيره كذلك ، فلو لا الأمر فيما نحن فيه بأكمل وأشدّ ، فلا أقلّ من كونه مساويا لذلك ؛ فتأمّل.
خلافا (٢) لصريح بعض الأعاظم من مشايخ العصر ـ طاب ثراه (٣) ـ وللمحكيّ في المفاتيح للسيّد العلّامة الاستاد ـ دام ظلّه ـ في المفاتيح عن بعض المعاصرين من أصحابنا (٤) ، فيصحّ له العمل بفتواه حينئذ أيضا ، ولا يتعيّن عليه العمل بفتوى الأعلم.
ولعلّه اللائح ممّن أطلق العمل بفتوى المجتهد ، كالشهيد في الألفيّة (٥) ، ومن أطلق جواز العمل بفتوى المتجزّئ (٦) .
ومن جوّز القضاء والحكم لغير الأعلم مع وجوده (٧) .
__________________
(١) منهم الفاضل الهندي في كشف اللثام ، ج ١٠ ، ص ٨.
(٢) عطف على قوله : « على الأظهر الأشهر بين أصحابنا ... » المتقدّم.
(٣) قال في مطارح الأنظار ، ص ٢٧٢ : « وصار إليه جملة من متأخّري أصحابنا ، حتّى صار في هذا الزمان قولا معتدّا به » .
(٤) مفاتيح الأصول ، ص ٦٢٦.
(٥) الألفيّة ، ص ٢٣.
(٦) انظر المقاصد العليّة ، ص ٤٩.
(٧) وهم العامّة ، انظر الإحكام في اصول الأحكام ، ج ٤ ، ص ٤٥٨.