جميعها دفعة ممنوع جدّا ، بل المسلّم والثابت والمفروض إنّما هو وجوب الاجتهاد في تحصيل ما قدر عليه منها بسهولة بعنوان التدريج ، مراعيا للأهمّ فالأهمّ إن كان ، وإلّا لزم التكليف بما فوق الوسع والطاقة ، ومن المعلوم الواضح أنّ هذا النوع من الاجتهاد ممكن بسهولة ، من دون حرج ومشقّة ، وإلّا لزم ارتفاع وجوب الاجتهاد رأسا ، بل يلزم السقوط رأسا. هذا ، ومن المعلوم حينئذ أيضا أنّه لا يستلزم ترك الاشتغال بجميع ما ينافي الاجتهاد بمثل ما ادّعاه المستدلّ.
نعم ، إنّما يستلزم تركه حال الاجتهاد في الجملة ، ولا محذور فيه أيضا.
مضافا إلى أنّ ما ادّعي من الملازمة ـ على تقدير سلامته عمّا مرّ ـ إنّما ينتقض إذا لم يكن هناك مفت آخر يتمكّن من الرجوع إليه أصلا ، حيث يكون ثابتا فيه بعين ما ذكر حرفا بحرف ، مع أنّ المفروض تعذّر الرجوع إليه والتقليد ، فكلّ ما هو الجواب للمستدلّ في هذه الصورة فهو الجواب لنا في ما نحن فيه ؛ فافهم.
على أنّ المدّعى من الملازمة إنّما يتمّ لو قيل بوجوب الاجتهاد على سبيل الفور والتضييق بعنوان الإطلاق ، وهو كما ترى ممنوع جدّا ، وإلّا لزم ما ذكر من المحذور وغيره.
مضافا إلى أنّه يمكن أن يقال : على تقدير الفوريّة والتضييق أنّ المراد بهما العرفيّان منهما ، الممكن اجتماعهما مع الإتيان بسائر الامور المباحة وغيرها مطلقا ، أو في الجملة.
مضافا إلى أنّ المدّعى من الملازمة إنّما يتّجه بالإضافة إلى من لم يجتهد فيما يحتاج إليه أصلا ، وأمّا لو اجتهد في جميع ما يحتاج إليه أو معظمه ، فلا يلزم منه ذلك أصلا.
مضافا إلى انتقاضه بالمقلّد المكلّف بالتقليد للغير ، المتمكّن من تحصيل جميع ما يحتاج إليه من مقلّده ، حيث يتّجه حينئذ جميع ما ذكر من الملازمة أيضا حرفا بحرف ، فكلّ ما هو المخلص عن ذلك فيه ، فهو المخلص عنه فيما نحن فيه ؛ فتدبّر.
والحاصل : أنّ الملازمة المدّعاة ممنوعة من وجوه شتّى ، خصوصا بعد ملاحظة ما هو الحقّ ، من تعلّق الوجوب به بعنوان التدريج ؛ فافهم.