فيتعيّن أن يكون الإفتاء للعاميّ ومن بحكمه ، وعلى تقدير العينيّة وجب على العاميّ ومن بحكمه أيضا الإفتاء والاجتهاد ، ومعهما لا يجوز له العمل بفتوى الغير ؛ لما قد عرفت ، ويلزمه سقوط وجوب الإفتاء رأسا ، كما لا يخفى ، وهل هذا إلّا الملازمة المدّعاة.
اللهمّ إلّا أن يخصّ الوجوب العيني بالمفتين والمجتهدين خاصّة ، وهو كما ترى ؛ فافهم.
وأمّا بطلان اللازم : فلأنّ المفروض وجوبه بحكم ما مرّت إليه الإشارة ؛ فتدبّر.
ومنها : أنّه لو كان وجوبه عينيّا لزم عدم مشروعيّة التقليد للعاميّ ومن بحكمه ووجوب الاجتهاد ؛ واللازم باطل ، فكذا الملزوم.
أمّا الملازمة : فظاهرة ؛ إذ معنى الوجوب العيني إنّما هو وجوب ذلك على كلّ واحد من المكلّفين بخصوصه ، وعدم سقوطه بوجود من يقوم به الكفاية ، ويلزمه ما قلناه.
وأمّا بطلان اللازم : فلما ستقف عليه في محلّه من الوجوه الكثيرة الدالّة على مشروعيّة التقليد وعدم وجوب الاجتهاد والإفتاء عينا مطلقا.
اللهمّ إلّا أن يخصّ الوجوب العيني بالمفتين والمجتهدين خاصّة ، دون المستفتين والمقلّدين ، فيتّجه منع الملازمة.
ولكنّه كما ترى بمكان من الضعف ، لا سيّما بعد ملاحظة الأدلّة الآتية هناك ، الدالّة على عدم وجوبه العيني ، خلافا إمّا لمن سيأتي هناك ، أو لمن قال بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عينا ، فالأوّل هو ضعيف في الغاية ، خصوصا بعد ملاحظة ما سيأتي إليه الإشارة ثمّة ؛ فتنبّه.
[ الثانية : ] كما يجب الإفتاء ، فكذا يجب كذلك تحصيل مرتبته ، كما صرّح به شيخنا الشهيد الثاني ـ طاب ثراه ـ في المنية (١) .
ولعلّه لا خلاف فيه فيما أعلم ؛ للأخبار الكثيرة المتظافرة ، أو المتواترة بالمعنى ،
__________________
(١) منية المريد ، ص ٢٩١.