[ الخامسة عشرة : ] هل الوجوب حيثما قلنا به مطلق ـ كالصلاة بالنسبة إلى الطهارة ، فيجب من باب المقدّمة تحصيل مقدّماته من غير عسر وحرج يشقّ تحمّلها عادة ـ فيجب الاجتهاد وتحصيل مقام الإفتاء فيما لم يعلم ، أو مشروط ـ كالزكاة بالنسبة إلى النصاب ، والحجّ بالإضافة إلى الاستطاعة ـ فلا يجب إلّا بعد العلم بالحكم ؟
قال سيّدنا العلّامة الاستاد ـ دام ظلّه ـ في المفاتيح : فيه إشكال ، ولكنّ الأحوط : الأوّل حيث يتمكّن من تحصيل المقدّمات من غير عسر ولا حرج ، بل لا يخلو عن قوّة (١) . انتهى.
أقول : وما عدّه أحوط وقوّاه هو المعتمد ؛ لظواهر كثير من الآيات والأخبار الآتية ، الدالّة على وجوب الإفتاء والحكم بما أنزل الله بقول مطلق ، مضافا إلى الاستقراء والاعتبار وغيرهما ، ممّا سيأتي إليه الإشارة ؛ فتأمّل.
فلو صلح للإفتاء واحد ، ولكن جهل الناس والمقلّدون به ولم يعرفوه ، وجب عليه ولو من باب المقدّمة الإعلام فيما لو فقد غيره الصالح له ولو باعتقاده ، أو اعتقادهم ؛ لما دلّ على وجوب مقدّمة الواجب المطلق عقلا ، وفي غير ذلك إشكال وإن كان الأحوط حينئذ الإعلام.
ولو صلح جماعة للإفتاء ، والحال هذه ، فهل يكفي إعلام بعضهم بنفسه ؟
المعتمد : نعم إن حصل الكفاية ، وإلّا وجب الإعلام بقدر ما يحصل به الكفاية.
[ السادسة عشرة : ] حيثما يجب على المفتي الإفتاء عينا ، لو ترك لا لعذر أثم بتركه الواجب عليه ، فإن جعلناه كبيرة أو أصرّ عليه فسق وخرج عن أهليّة الإفتاء ؛ لفوات العدالة ، ومع هذا لا يسقط عنه الوجوب ؛ لقدرته على تحصيل الشرط بالتوبة.
مضافا إلى الأصل والعمومات ، فإذا تاب ورجعت العدالة وجب عليه الإفتاء وصحّ ؛ لوجود المقتضي وفقد المانع ، كما هو المفروض.
وكذلك الحال فيما لو وجب كفاية ، كما لو تعذّر المفتي الجامع للشرائط ، فبإخلال
__________________
(١) مفاتيح الاصول ، ص ٦٠٣.