والأولى في هذا الموضع أن يشار إلى صاحبها بإبدالها ، فإن أبى ذلك أجابه شفاها ، ولو خاف فتنة من الضرب على فتيا عادم الأهليّة ولم يكن خطأ ، عدل إلى الامتناع من الفتيا معه ، وأمّا إذا كانت خطأ وجب التنبيه عليه ، وحرم الامتناع من الإفتاء ، تاركا للتنبيه على خطائها ، بل يجب عليه الضرب عليها عند تيسّره ، أو الإبدال ، ويقطع الرقعة بإذن صاحبها ، وإذا تعذّر ذلك وما يقوم مقامه ، كتب جوابه عند ذلك الخطأ ، ويحسن أن يعاود للمفتي المذكور بإذن صاحبها.
وأمّا إذا وجد فتيا الأهل ، وهي خلاف ما يراه هو ، غير أنّه لا يقطع بخطائها ، فليقتصر على كتب جواب نفسه ، ولا يتعرّض لفتيا غيره بتخطئة ولا اعتراض. كذا قاله شيخنا في المنية (١) .
وهو جيّد ، إلّا أنّه قد يشكل في إطلاق الضرب عليه مع عدم إذن صاحب الرقعة له ؛ نظرا إلى عموم ما دلّ على عدم جواز التصرّف في مال الغير بغير إذنه ورضاه.
اللهمّ إلّا أن يمنع العموم بحيث يشمل محلّ البحث ، أو يخصّص بما دلّ على وجوب الحكم بما أنزل الله (٢) ، وعلى إظهار العالم علمه فيها لو ظهرت البدع (٣) ، وعلى حرمة كتمان ما أنزل الله من البيّنات والهدى (٤) ، وما دلّ على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
أو يتوقّف ؛ لأجل التعارض الواقع بينهما ، مع كونهما عامّين من وجه ، ويرجع إلى الأصل المقتضي للجواز والإباحة ، فيرتفع الإشكال ، ويتّجه الجواز. ولعلّه المعتمد أيضا ؛ فتفطّن.
[ العشرون : ] إذا اجتهد في واقعة على الوجه المعتبر ، فأدّى اجتهاده إلى حكم من الأحكام الشرعيّة ، فهل يكفيه هذا الاجتهاد في عمله وفتواه بها وحكمه ما دام حيّا ، أم لا ؟
__________________
(١) منية المريد ، ص ٣٠٠ و٣٠١.
(٢) انظر دعائم الإسلام ، ج ٢ ، ص ٥٢٩ ، ح ١٨٧٩.
(٣) انظر المحاسن ، ص ٢٣١ ، ح ١٧٦ ؛ الكافي ، ج ١ ، ص ٥٤ ، باب البدع والرأي والمقاييس ، ح ٢ ؛ وسائل الشيعة ، ج ١٦ ، ص ٢٦٩ ، ح ٢١٥٣٨.
(٤) كما في الآية ١٥٩ من سورة البقرة (٢) .