اللاحق والاطّلاع عليه ، إمّا بناء على مقتضى فتوى المفتي بالحرمة والمنع له ، وإمّا من باب البخت والاتّفاق ، فلا شكّ في خروجه أيضا من محلّ البحث ، إمّا لأنّ الرجوع هنا أيضا إنّما يكون قبل العمل بمقتضى الاجتهاد السابق ، نظرا إلى كون المراد من العمل ما هو من قبيل الأفعال ، لا التروك ؛ فتأمّل.
وإمّا لأنّ هذا العمل خارج عن محلّ البحث والنزاع ؛ لأنّ التروك تجتمع وتجامع الأفعال ، فلا منافاة بينه وبين الرجوع ، ولا مضادّة حينئذ بين الاجتهادين والعمل في الزمانين ، كما لا يخفى على المتأمّل المنصف.
وإن خالف ، ففعل الأكل والاستعمال ، إمّا عالما عامدا مختارا ، وإمّا جاهلا أو ناسيا أو غير مختار إلى زمان الرجوع بالاجتهاد اللاحق والاطّلاع عليه ، ففي دخوله في محلّ البحث تأمّل وإشكال ، خصوصا بعد ملاحظة المخالفة وصدورها عنه لا من باب التقليد ، إمّا مطلقا ، أو حيثما كانت من باب البخت والاتّفاق أو باعتقاد عدم التقليد له.
مضافا إلى ضميمة حكم الحاكم القائل باشتراطها في صحّة استمرار بعضهم ، كما أشير إليه ، بل احتمال كونه مسألة على حدة لا ربط لها بمحلّ البحث قويّ ، ومع هذا وبالإضافة إلى نفس هذا الفعل واتّصافه بالمنع والحرمة حيثما اتّجه بمقتضى الاجتهاد السابق حينئذ لا ينافيه الاجتهاد اللاحق ، واقتضاؤه عدم اتّصافه بهما كاقتضائه لاتّصافه بهما ؛ إذ متعلّق الحكم المؤدّي إليه الاجتهاد اللاحق إنّما هو غير هذا الفعل.
نعم ، بالإضافة إلى ما يترتّب على هذا الفعل من الأحكام الوضعيّة المترتّبة عليه بمقتضى الاجتهاد السابق حيثما قلنا بترتّبها عليه ، قد يشكل الأمر ، إمّا من جهة تحقّق التنافي حينئذ بين مقتضى الاجتهادين. وإمّا من جهة جريان الاستصحاب المدّعى.
ولكنّه كما ترى يمكن دفع هذا الإشكال بأنّ هذا المخالف بعد المخالفة ، لا بدّ أن يكون بالإضافة إلى الأحكام الوضعيّة المترتّبة على هذا الفعل الصادر عنه أيضا مقلّدا ، فإن قلّد بعدها من يصحّ له تقليده وعمل بمقتضى فتواه من التطهير وغيره ممّا لا بدّ من الإتيان به ، أو عدمه ، فلا كلام في كونه حينئذ بالإضافة إلى ما نقل خارجا عن محلّ