وأصالة البراءة ، وأصالة الإباحة ، وأصالة الاشتغال ، وأصالة التخيير ، وأصالة التسامح ، والاستصحاب ، كما صرّح به السيّد السند العلّامة الاستاد ـ دام ظلّه ـ في المفاتيح (١) ، أم لا ، بل يجوز له الرجوع إلى الأعلم منه إن كان ، كما عن صريح المعارج (٢) ؟
قولان : أجودهما : الأوّل ؛ للأصل والاستصحاب ، والعمومات السالفة المانعة عن التقليد ، وعدم مشروعيّته ، وعدم صحّته ، وعدم صحّة الاعتماد على غير العلم ، السليمة عمّا يصلح للمعارضة ، المعتضدة بما أفاده السيّد السند الاستاد ـ دام ظلّه العالي ـ بقوله : والظاهر أنّ ما ذكرنا طريقة الأصحاب كما لا يخفى ، وصرّح بذلك بعض محقّقيهم (٣) . انتهى.
وبما مرّت إليه الإشارة ، من عدم جواز التقليد للمجتهد بعد الاجتهاد ؛ فتأمّل.
نعم ، لو فرض عدم التمكّن من العمل بمقتضى هذه الاصول أيضا ولم يتمكّن من الاحتياط أيضا بسهولة ، لاتّجه الجواز ؛ بناء على ثبوت التكليف وعدم سقوطه ، واستحالة التكليف بغير المقدور.
[ الثلاثون : ] لا يشترط في إفتاء المفتي ـ بحيث يصحّ للمستفتي العمل به والاعتماد عليه ـ أن يكون قادرا على الكتابة ، فلو استجمع غير القادر عليها سائر المعتبرة فيه ، صحّ إفتاؤه والعمل لغيره بفتواه على الأصحّ ؛ وفاقا لظاهر المعظم ، بل لا خلاف فيه فيما أعلم ، إلّا من شيخنا الشهيد الثاني في الروضة ، فقال بالاشتراط ، وأنّه الأشهر (٤) .
وهو كما ترى ـ مع أنّه لا شاهد له ، ولا عليها بيّنة ـ مدفوع بما أفاده سيّدنا الاستاد ـ دام ظلّه ـ في المفاتيح بقوله : إذ لم أجد أحدا من الفقهاء والاصوليّين نبّه على ذلك ، بل ظاهرهم عدم الاشتراط. وهو المعتمد ؛ لأصالة بقاء جواز تقليده فيما إذا عجز عن الكتابة بعد جواز تقليده ، فيثبت مطلقا ؛ إذ لا قائل بالفصل. ويعضده العمومات الدالّة
__________________
(١) مفاتيح الاصول ، ص ٦١٠.
(٢) معارج الاصول ، ص ٢٨٠.
(٣) مفاتيح الاصول ، ص ٦١٠.
(٤) الروضة البهيّة ، ج ٣ ، ص ٦٢.