فهو الحجّة ، مضافا إلى لزوم الاقتصار فيما خالف العمومات على القدر المتيقّن.
[ التاسعة والثلاثون : ] لا يشترط في صحّة إفتاء المفتي ـ كاجتهاد المجتهد ـ في واقعة علمه بجميع الأحكام الشرعيّة المتعلّقة بجميع الوقائع بالفعل ، بلا خلاف ظاهر أجده فيه ، بل ولعلّه موضع وفاق ، كما يستفاد من سيرتهم وعملهم وديدنهم.
مضافا إلى الأصل ، والعمومات الدالّة على اعتبار اجتهاده وإفتائه ، والدالّة على بطلان التكليف بما لا يطاق ، وعلى نفي الحرج والضرر في الشريعة.
مضافا إلى استلزام اشتراطه للدور المحال الباطل جدّا ؛ فتفطّن.
[ الأربعون : ] لا إشكال ـ بل ولا خلاف ظاهرا أيضا فتوى ودليلا فيما أعلم ـ في جواز رجوع المستفتي والمقلّد إلى المفتي في استعلام حال غيره من المفتين ، في أنّه هل يكون ممّن يصلح للإفتاء والعمل بفتواه والتقليد له ، أم لا ؛ لكونه من أهل الخبرة في تشخيص هذا الموضوع ، فيصحّ الاعتماد عليه في ذلك ، لا من باب التقليد له والعمل بقوله من حيث الفتوى ؛ لأنّه ليس من الحكم الشرعي الفرعي ، بل من الموضوع الصرف له ، ووظيفة العاميّ ومن بحكمه فيه إنّما هو الاجتهاد لا التقليد ، بلا ريب ولا إشكال ، بل ولا خلاف فيما أعلم فيه ، كما في سائر الموضوعات الصرفة.
وهل يجوز ويصحّ الرجوع إليه في ذلك من باب التقليد ، بأن يكون قول هذا المفتي مثلا : « زيد مفت جامع للشرائط يصحّ تقليده والعمل بفتواه » أيضا فتوى بذلك ، وحكما شرعيّا ، ويكون الرجوع إليه فيه والعمل بقوله للعاميّ ومن بحكمه اتّكالا على قول هذا المفتي وتقليدا له ، ففي الحقيقة يكون مقلّدا لهذا المفتي في الرجوع إلى ذاك المفتي ؟
أم لا ، فلا يصحّ له تقليده في الرجوع إلى غيره والعمل بفتواه ؟ وجهان.
والمعتمد بزعم العبد هو الثاني ، ولعلّه لا خلاف فيه فيما أعلم ؛ لعدم كونه حكما شرعيّا ، بل هو إخبار بموضوع صرف للحكم الشرعي ، أو شهادة على ثبوته مثلا ، ولا تقليد في الموضوعات الصرفة قولا واحدا فيما أعلم فتوى ودليلا.