والقياس والعمل بأخبار الآحاد ، حيث قال : إنّ كثيرا ممّن نفى الاجتهاد والقياس والعمل بأخبار الآحاد في الشريعة لا يوجب تقليد العامي للعالم ، ولا العمل بقوله إلّا بعد العلم بصحّته. انتهى ؛ (١) فتأمّل.
وإمّا (٢) الاجتهاد ، كالمجتهد ، فلا يشرع له التقليد والعمل بفتوى المفتي الجامع للشرائط أصلا ، كما عزّاه في الذكرى إلى بعض قدماء الإماميّة وفقهاء حلب ، (٣) وفي المقاصد العليّة ـ على ما حكي ـ إلى كثير من قدماء وفقهاء حلب ، كأبي الصلاح وابن حمزة ، وجعله في العدّة أحد قولي أصحابنا ؟ (٤)
أقوال ، أو قولان ، ولكنّ المعتمد هو الأوّل ؛ لوجوه :
الوجه الأوّل : الإجماع المحصّل القولي عليه ، ولا سيّما من متأخّري علماء الطائفة ، والإجماع النقلي والعملي من الشيعة كافّة ، بل المسلمين كافّة ، عدا من شذّ من مجتهديهم ، كما ادّعاه أو أشار إليه جماعة :
ففي الذريعة ـ على ما حكي ـ : والذي يدلّ على حسن تقليد العامي أنّه لا خلاف بين الامّة قديما وحديثا في وجوب رجوع العامي إلى المفتي ، وإنّما يلزمه قبول قوله ؛ لأنّه غير متمكّن من العلم بأحكام الحوادث ، ومن خالف في ذلك كان خارقا للإجماع ، وليس يمكن للمخالف رفع الإجماع على الرجوع إلى الفتوى والإرشاد إليها ، والإقرار عليها ، وإنّما يتأوّل هذا الرجوع بما هو بعيد ، فيقول : هو رجوع للتنبيه على النظر والاستدلال ، وهذا التأويل غير معلوم ، ضرورة خلافه ، وأنّ العامي لا يستفتي على وجه طلب التنبيه على النظر ، بل ليلتزم. (٥)
وفي العدّة : والذي نذهب إليه أنّه يجوز للعامي الذي لا يقدر على البحث والتفتيش
__________________
(١) جوابات المسائل التبّانيّات ( رسائل الشريف المرتضى ) ج ١ ، ص ٤٢.
(٢) عطف على قوله : « بل يتعيّن عليه حينئذ إمّا تحصيل العلم ... » .
(٣) ذكرى الشيعة ، ج ١ ، ص ٤١.
(٤) المقاصد العليّة ، ص ٥٢.
(٥) الذريعة إلى اصول الشريعة ، ج ٢ ، ص ٧٩٦.