أحسن القول بضميمة قوله سبحانه : ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً ﴾(١) إذ المستفاد منه أنّ من دعا إلى الله وعمل صالحا ، أحسن قولا ، ويلزمه بمقتضى الآية السالفة وهذه أيضا حجّيّته ورجحان اتّباعه وعدم وجوب تحصيل العلم ولا الاجتهاد علينا على جميع المكلّفين ، وبعد انضمام عدم القائل بالفصل في المسألة إليه تتمّ المدّعى ؛ فتدبّر.
الوجه الخامس : قوله سبحانه : ﴿ وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾(٢) فإنّ المستفاد منه ـ والله العالم ـ عدم وجوب النفر للتفقّه في الدين على كلّ واحد ، ويلزمه عدم وجوب تحصيل العلم ولا الاجتهاد عينا على كلّ واحد من المكلّفين ، وهو عين المدّعى أو ملزوم له ، كما لا يخفى.
مضافا إلى ظهور جواز الحذر بعد الإنذار والإبلاغ مع التخويف أو مطلقا ، ويلزمه حجّيّة قولهم في حقّهم ومشروعيّة الاعتماد لهم عليه مطلقا أو في الجملة ، وبضميمة عدم القول بالفصل في المسألة ، يتمّ المدّعى أيضا جدّا.
والمناقشة فيها من حيث الدلالة بأكثر ما قالوه في الاصول في مبحث حجّيّة الخبر الواحد ، أو يمكن أن يقال ، هيّنة هنا بعد التأمّل والإنصاف وعدم الخروج عن ظاهر الآية ، خصوصا بعد ملاحظة ما ورد في تفسيرها من الخبر الآتي إليه الإشارة.
الوجه السادس : قوله سبحانه : ﴿ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى ﴾(٣) إذ المستفاد منه ـ كما ترى ـ مشروعيّة اتّباع الهادي إلى الحقّ بقول مطلق وحجّيّته كذلك ، كما يلزمه أيضا عدم وجوب تحصيل العلم ولا الاجتهاد عينا على جميع المكلّفين ، والمفروض أيضا أنّ المجتهد والفقيه الجامع للشرائط أيضا هاد إلى الحقّ لغة وعرفا وشرعا ؛ فتفطّن.
__________________
(١) فصّلت (٤١) : ٣٣.
(٢) التوبة (٩) : ١٢٢.
(٣) يونس (١٠) : ٣٥.