عنه. انتهى (١) .
خلافا للمحكيّ في منية اللبيب عن قوم ، فمنعوه.
وهذا مع أنّه لا وجه له يعبأ به ـ كما ترى ـ ضعيف في الغاية ، سيّما بعد ما مضى.
ومع هذا ، فيمكن حمله على الرجوع بدون التقليد بالجواز والصحّة ، فإنّ الرجوع منه إليه بدونه غير صحيح كما لا يخفى.
المسألة السادسة : هل يصحّ له في الواقعة الشخصيّة التي عمل فيها بقول المفتي الجامع للشرائط وفتواه ، الرجوع بعد العمل فيها إلى الآخر المفتي بخلافه ، كما لو أفتى المفتي الأوّل بصحّة النكاح بغير إذن الوليّ ، أو بصحّة العقد الفضولي مع الإجازة مثلا ، وأوقع المقلّد هذا النكاح والعقد بتقليده ، وبنى على صحّته بمقتضى فتواه ، ثمّ اطّلع بعد ذلك مثلا على فتوى الآخر ببطلانهما ، فأراد البناء فيهما على هذا الفتوى ، صحّ له ذلك ، أم لا يصحّ ، ويجب عليه البناء على ما بنى عليه أوّلا وعمل بمقتضاه ؟
المعتمد : هو الثاني بلا خلاف صريح ظاهر أجده فيه ، بل ولعلّه عليه الإجماع ، كما في صريح النهاية ومنية اللبيب (٢) ، بل الاتّفاق كما في إحكام الآمدي (٣) ، وعن صريح المختصر وشرحه للعضدي. (٤)
وهو الحجّة ، مضافا إلى الأصل ، وعدم الدليل على صحّة الرجوع ، وعدم اشتهاره مع عموم البلوى ، وتوفّر الدواعي ، والاستصحاب ، والعمومات الدالّة على عدم جواز نقض اليقين إلّا باليقين.
والعمومات النافية للحرج والعسر والضرر في الشريعة ، السليمة عمّا يصلح للمعارضة ، المؤيّدة أو المعتضدة بخصوص عمل المسلمين وسيرتهم المستمرّة.
__________________
(١) مفاتيح الاصول ، ص ٦١٦.
(٢) نهاية الوصول إلى علم الاصول ، الورقة ٣١٤ ؛ وحكاه عن منية اللبيب في مفاتيح الاصول ، ص ٦١٦.
(٣) الإحكام في اصول الأحكام ، ج ٤ ، ص ٤٥٨.
(٤) حكاه عنهما في مفاتيح الاصول ، ص ٦١٦ ؛ وهو في المختصر وشرحه ، ص ٤٨٥.