وبعموم قوله سبحانه : ﴿ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ ﴾(١) .
ولاستلزام القول بالرجوع للفساد والهرج والمرج في امور المعاش والمعاد ، كما لا يخفى على اولي الرشاد.
مضافا إلى الأدلّة الدالّة على صحّة العمل بمقتضى فتوى المفتي الأوّل ، وعلى كونه حكم الله المعتبر في حقّه بالفرض ، والدالّة على عدم جواز نقضه ، السليمة عن المعارض ، المعتضدة بما مرّ ، وبغيره من الاعتبار أو غيره في الجملة ، أو مطلقا.
نعم ، لو علم بعد ذلك بفساد ما أفتى به الأوّل ، اتّجه الرجوع كما مرّ سابقا ؛ لما مرّ.
ولا فرق في ذلك بين أن يكون المفتي الثاني أعلم وأورع ، أم لا ، كما صرّح به في المفاتيح (٢) ، وهو قضيّة إطلاق سائر الفتاوى ، وعموم هذه الأدلّة.
وكذلك لا فرق في ذلك بين أن يكون المفتي الأوّل حيّا ، أم لا ، كما صرّح به أيضا في المفاتيح (٣) ؛ لذلك.
وكذلك لا فرق أيضا في ذلك بين العبادات والمعاملات ؛ لذلك.
المسألة السابعة : هل يصحّ له بعد ذلك في وقت آخر بالإضافة إلى مثل تلك الواقعة الرجوع عن الأوّل ، والعدول إلى فتوى الآخر المخالف له في الفتوى ، والأدون له في العلم والورع ؟
المعتمد : لا ؛ لما تقدّم من لزوم تقليد الأعلم والأورع ، وتعيّن اتّباعه عليه. نعم ، لو قيل بعدم لزومه ، اتّجه ما سيأتي في المسألة العاشرة الآتية من الكلام ، فترقّب.
المسألة الثامنة : هل يصحّ له بعد ذلك في وقت آخر بالإضافة إلى مثل تلك الواقعة العدول إلى فتوى الآخر المخالف له فى الفتوى ، والأعلى منه في العلم والورع ؟
المعتمد : نعم ، وفاقا لصريح جماعة منهم عميد الدين في منية اللبيب (٤) ، وبعض
__________________
(١) البقرة (٢) : ٢٠٥.
(٢) مفاتيح الاصول ، ص ٦١٦.
(٣) المصدر.
(٤) المصدر.