بالإضافة إلى جميع الوقائع المجرّدة عن الاختيار ، وأين هذا من استلزام هذا الشخص من الاختيار لتعيين الاختيار بالإضافة إلى الجميع ، ولتعيّن هذا المختار مطلقا ؟ ولذا لو اختار المكلّف الواجب عليه الكفّارة المخيّرة بين الأنواع الثلاث إحدى خصاله في وقت ، لم يتعيّن عليه هذا الفرد في سائر الأوقات.
والحاصل : أنّ هذا الاستصحاب مقتضاه إنّما هو صحّة البقاء لا وجوب البقاء وتعيينه ، والمقيّد للخصم والمضرّ بنا هو الثاني ، لا الأوّل ، والثابت والمسلّم هنا هو الأوّل ، لا الثاني.
وأمّا ثالثا : فلأنّ الاستصحاب كما يقتضي صحّة البقاء ، فكذا يقتضي صحّة الرجوع وصحّة تقليد الآخر أيضا.
وبعبارة اخرى : إنّ صحّة البقاء المستصحبة إنّما هي فرع صحّة الرجوع إلى المجتهد والمفتي الأوّل ، وهي فرع ما دلّ على صحّة التقليد والرجوع إلى من شاء من المجتهدين والمفتين ، كما هو المفروض ، وهو كما يقتضي الأوّل فكذا يقتضي الثاني ، وكما يلزمه استصحاب صحّة البقاء فيما نحن فيه ، فكذا يلزمه أيضا استصحاب صحّة الرجوع عنه إلى الآخر وتقليده ، ويلزمه التخيير بين الأمرين ، وهو المدّعى.
فإن قيل : مقتضى صحّة البقاء بطلان الرجوع ، ومقتضى صحّة الرجوع بطلان البقاء ، فيقع التعارض بين الاستصحابين ، ولو لم يكن الاستصحاب المقتضي لصحّة البقاء أولى بالترجيح ، فلا أقلّ من التساوي والتوقّف ، ومعه يلزم تحصيل البراءة اليقينيّة ، وهو إنّما يكون بالبقاء على تقليد الأوّل.
قلنا : هذا فاسد ؛ إذ مقتضى كلّ من صحّة البقاء وصحّة الرجوع ، إنّما يقتضي بطلان الآخر لو كان بعنوان التعيين ، وأمّا لو كان بعنوان التخيير ، فلا يقتضي ذلك جدّا ، وإلّا لزم انتفاء الواجب المخيّر رأسا ، وهو باطل ، وبعد ثبوت التخيير ـ كما هو المفروض ـ لا تنافي بين الاستصحابين ولا تعارض حتى يرد ما ذكر.
فإن قيل : القدر المسلّم من التخيير إنّما هو قبل الاختيار ، وأمّا بعده ـ كما هو