وظهر أيضا أنّ كلّا منهما بالإضافة إلى المقام الأوّل ممتاز ومفارق عن الآخر ، ومخالف له في كون المجتهد مجتهدا غير مقلّد ، والمقلّد مقلّدا غير مجتهد ، وفي مدخليّة الاجتهاد المصطلح المقابل للتقليد المصطلح خاصّة واعتباره فيه بالإضافة إلى المجتهد ، ومدخليّة التقليد خاصّة واعتباره فيه بالإضافة إلى المقلّد.
ففي الحقيقة ، تمايز كلّ من المجتهد والمقلّد وافتراقهما من حيث هما كذلك ، إنّما هو في هذا المقام وباعتبار كون المرجع والمتّبع للأوّل هو الأدلّة المعتبرة المعروفة وما يستفاد منها بالشروط المعتبرة ، وللثاني هو المجتهد وما يستفاد منه من الأقوال والفتاوى بالشروط المعتبرة.
ومنها ظهر أيضا أنّ كلّا منهما في هذا المقام أيضا بالإضافة إلى تحقيق مرجعيّة المرجع ومتّبعيّة المتّبع وإثبات حجّيّتهما أيضا غير مخالف للآخر في كونهما مجتهدا ولو حكما ، وفي مدخليّة الاجتهاد واعتباره بهذا القدر فيه ، بل متماثلان أو متّحدان في ذلك ؛ فتأمّل.
كما ظهر أيضا أنّ العمل من حيث هو عمل ليس من الاجتهاد والتقليد بشيء ، بل هو أمر آخر بعدهما ، ومشروط صحّته بهما ، وهذا واضح بحمد الله لا خفاء فيه.
و[ المقدّمة ] الثانية : أنّه قد لاح عمّا مرّ في المقدّمة السابقة أنّه تعتبر في صحّة عمل المجتهد في الخارج الحيثيّة الاجتهاديّة ولحاظها حال العمل ولو حكما ، بأن يكون المجتهد حال العمل معتقدا ولو حكما بحكمه الشرعي المستفاد له من الأدلّة وبثبوته وبمطابقته لما هو المتعيّن في حقّه بحكمها ، ويعتبر في صحّة عمل المقلّد في الخارج الحيثيّة التقليديّة المركّبة ولو في التحليل العقلي من الحيثيّة الاجتهاديّة ، بالإضافة إلى ما يكون مجتهدا فيه ، والحيثيّة التقليديّة بالإضافة إلى ما هو مقلّد فيه له ، ولحاظها حال العمل ولو حكما ، بأن يكون حال العمل معتقدا ولو حكما بحكمه الشرعي المستفاد له من مفتيه الجامع للشرائط من القول والفتوى والاعتقاد ، وبثبوته وبمطابقته لما هو المتعيّن في حقّه بحكم ما هو المستفاد له من المفتي ، ودلّ على اعتباره وصحّته وصحّة