مضافا إلى الإجماع وغيره ممّا مرّ في محلّه على جواز الرجوع قبل العمل.
مضافا إلى الأدلّة الدالّة على صحّة التقليد ومشروعيّته ووجوبه على من كان التقليد وظيفته ولم يقلّد ، وعلى صحّة الرجوع إلى من شاء من المفتين مع التساوي في العلم والعدالة أو مطلقا على القول بعدم وجوب تقليد الأعلم والأورع.
وهذا لعمري واضح لا شبهة فيه ولا مرية تعتريه.
المسألة الثالثة عشر : لو ثبت شرعا عند المقلّد كون المفتي جامعا لجميع شرائط الفتوى والعمل بقوله ، صحّ له تقليده والعمل بفتواه ما لم يثبت شرعا عنده اختلال شيء من الشرائط المعتبرة في صحّة العمل بقوله وفتواه ، بلا خلاف ظاهر أجده فيه ، بل ولعلّه موضع وفاق بينهم ، كما يلوح من كلماتهم ويظهر من سيرتهم.
فهو الحجّة ، مضافا إلى الاستصحاب والعمومات الدالّة على عدم جواز نقض اليقين إلّا باليقين ، المعتضدة أو المؤيّدة بالعمومات النافية للعسر والحرج والضرر في الشريعة ، والدالّة على صحّة العمل بقول العلماء العارفين بالأحكام الشرعيّة ؛ فتأمّل.
المسألة الرابعة عشر : لو جنّ من قلّده المقلّد وعمل بفتواه ، واطّلع عليه المقلّد ، فهل يصحّ له البقاء حال جنونه أيضا ، فلا يجب عليه العدول مطلقا ، أو لا ، فيجب كذلك ، أم التفصيل : إمّا بين ما إذا كان زمان الجنون قليلا ؛ فالأوّل ، وكثيرا ؛ فالثاني. وإمّا بين ما إذا أمكن تقليد المفتي الجامع للشرائط ؛ فالثاني ، وغيره ؛ فالأوّل ؟
أوجه واحتمالات ، صار إلى ثانيها المحقّق الشيخ عليّ في حاشية الشرائع (١) .
ولعلّه الأحوط في الجملة ، أو مطلقا ، وإن كان تعيينه محلّ التأمّل ؛ نظرا إلى الاستصحاب والعمومات الدالّة على عدم جواز نقض اليقين إلّا باليقين ، المقتضية لصحّة البقاء على ما بنى عليه قبل الجنون ؛ ولعدم صلاحية الجنون للرفع والإبطال ، المؤيّدة أو المعتضدة بالعمومات أو الإطلاقات الدالّة على حجّيّة قول المفتي وفتواه ،
__________________
(١) حاشية الشرائع ( حياة المحقّق الكركي وآثاره ) ، ج ١١ ، ص ١١٤.