فإنّ الدليل إن أفاد الوجوب ، وإلّا بقي على أصل الإباحة.
والتحقيق أنّ وصف الزائد بالوجوب وإن كان ممكنا ؛ لجواز التخيير بين الجزء والكلّ ، إلّا أنّ الوجوب (١) منفيّ بالأصل ، وبأنّه خلاف الغالب ، بل قد يناقش في تحقّقه ، ويقال : (٢) التخيير بين القصر والتمام قد يخدش بأنّ كلّا من صلاتي القصر والتمام صنفان متغايران خصوصا على القول بوجوب التسليم ، ولا يكون من قبيل التخيير بين الجزء والكلّ ، والتخيير بين الفردين بمجرّد القصد إثبات ما لم يدلّ عليه دليل ، ومجرّد الاحتمال لا يكفي في ارتكاب مخالفة الظواهر والاصول ، فالقول بعدم وجوب الزائد أظهر.
وأمّا الحكم برجحان الزائد مع انتفاء دليل آخر غير الأمر بالمسمّى ، فإن ثبت الإجماع عليه فهو الدليل ، وإلّا منعنا وصفه بالرجحان أيضا ، ويمكن توجيه الرجحان في الجملة بأنّ المكلّف حيث لم يقدّر له قدر (٣) ، فلا بدّ غالبا من زيادته على المسمّى زيادة متفاوتة غير مضبوطة ، فلو لم يكن الزائد راجحا ، لزم إضاعة عمله ، حتّى لو أراد الاحتراز عن إضاعة العمل ، لم يمكنه غالبا أو شقّ عليه ، فالظاهر من فحوى الشرع ترتّب الثواب عليه وهو كما ترى.
ثمّ في الفرق بين هذه المسألة وبين مسألة (٤) اقتضاء الأمر التكرار أو الوحدة ، أو عدم اقتضاء أحدهما نظر ، فإنّ موضوع هذه وإن كان هو الأمر بالمسمّى الصادق مع المقادير المختلفة ، وموضوع تلك الأمر بالماهيّة المتحقّقة في ضمن التكرار والوحدة إلّا أنّ معنى الامتثال فيهما بالأقلّ والأكثر واحد كما لا يخفى ، بل نسبة الامتثال هنا إلى الأكثر أقرب منه هناك (٥) ؛ لأنّ جعل المجموع الواحد بالاتّصال ـ الذي يسمّى في العرف
__________________
(١) ب : ـ « وإن كان ممكنا لجواز التخيير بين الجزء والكلّ ، إلّا أنّ الوجوب » .
(٢) ب : + إنّ.
(٣) ألف وب : + معيّن.
(٤) ب : ـ مسألة.
(٥) ألف : ـ هناك.