وقد سمّيت هذه الرسالة ب « نزهة الأسماع في حكم الإجماع » ورتّبتها على اثني عشر فصلا وخاتمة.
[ الفصل ] الأوّل
في معنى الإجماع عند الاصوليين
قال بعض المحقّقين منهم : الإجماع في اللغة يطلق على معنيين :
أحدهما : العزم ؛ قال الله تعالى ﴿ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ﴾(١) وروي عنه : « لا صيام لمن لا يجمع الصيام من الليل » . (٢)
وثانيهما : الاتّفاق ؛ من قولهم : أجمعوا : إذا صاروا ذوي جمع ، كما يقال : ألبن الرجل وأتمر : إذا صار ذا لبن وتمر.
وفي الاصطلاح هو اتّفاق علماء الطائفة على أمر في عصر. (٣) انتهى.
وبهذا عرّفه الشهيد في الذكرى. (٤) وقال الشهيد الثاني في تمهيد القواعد : هو اتّفاق المجتهدين من أمّة النبيّ على حكم. (٥)
ولا يخفى عليك أنّ بين التعريفين عموما وخصوصا من وجه ؛ لاجتماعهما في صورة اتّفاق علماء الطائفة من المجتهدين وغيرهم مع موافقة المجتهدين من باقي الامّة ، وكون ذلك في جميع الأعصار.
وانفراد الأوّل بالصدق على اتّفاق (٦) علماء الطائفة في عصر وإن خالفهم كلّ من
__________________
(١) يونس (١٠) : ١٧.
(٢) سنن الترمذي ، ج ٢ ، ص ١١٦ ، ح ٧٢٦ ؛ سنن أبي داود ، ج ٢ ، ص ٣٢٩ ، ح ٢٤٥٤ ؛ سنن الدارمي ، ج ٢ ، ص ٦ ـ ٧ ؛ سنن ابن ماجة ، ج ١ ، ص ٥٤٢ ، ح ١٧٠٠.
(٣) قال به من الخاصّة الشيخ حسن في المعالم ، ص ١٧٤ ، ومن العامّة القاضي عضد الدين في شرح مختصر المنتهى لابن الحاجب ، ص ١٢٢.
(٤) ذكرى الشيعة ، ج ١ ، ص ٤٩.
(٥) تمهيد القواعد ، ٢٥١ ، المقصد الثالث في الإجماع.
(٦) الف : ـ اتّفاق.