عداهم من طائفتهم من المتقدّمين على ذلك العصر والمتأخّرين ، وخالفهم أيضا جميع بقيّة الامّة مطلقا.
وانفرد الثاني بالصدق على اتّفاق المجتهدين من الفريقين ، وإن خالفهم جميع العلماء وغيرهم منهما (١) ، وباعتبار عموم الأمر بالنسبة إلى الحكم إن ثبت يكون الأوّل هو الأعمّ ، ولعلّ المراد منهما (٢) واحد ، وبالمجتهدين : مجتهد والإماميّة ، وبالعلماء : المجتهدون.
ويبقى التدافع في الاكتفاء باتّفاق (٣) أهل عصر واعتبار جميع الأعصار بحسب الظاهر.
وكأنّ مراد الشهيد الثاني من الإطلاق هو مراد الأوّل من التقييد ، كما يشعر به كلامه هناك ، بل يكاد يكون بعضه صريحا.
وعرّفه بعض الاصوليّين بأنّه اتّفاق أهل الحلّ والعقد من أمّة محمّد صلىاللهعليهوآله على أمر من الامور ، قال : والمراد من أهل الحلّ والعقد : المجتهدون في الأحكام الشرعيّة الموجودون في عصر واحد. (٤)
وهذا التصريح يقرب ما أشرنا إليه مع ما ذكرناه ؛ والله أعلم.
الفصل الثاني
في معنى الإجماع عند الأخباريين
وإنّما أخّرناه لأنّ أكثر الذين بحثوا عن الإجماع واحتجّوا به من الاصوليين ، ومع ذلك كلامهم مضطرب كما مضى ويأتي.
__________________
(١) الف ، ب : فهما.
(٢) الف : بينهما ؛ ب : فيهما.
(٣) ب : واتّفاق.
(٤) وهو الفخر الرازي في المحصول ، ج ٣ ، ص ٧٦٩ ـ ٧٧٠.