خلافيّة تقتضي التردّد والتوقّف فيها ، ثمّ عدلت عن تأليف كتاب المذكور لضعف الاعتماد على الإجماع المنقول ، لمّا رأيت من اضطراب أمره ، وعدم ثبوت حجّيّته ، وكثرة التعارض فيه.
وقد عرفت ما اعتذر لهم به الشهيد في الذكرى من الوجوه التي أكثرها بعيد (١) ، ولكن يصار إليها للضرورة ، ولأنّه أقرب إلى حسن الظنّ بهم وأنسب بجلالتهم.
والأقرب من تلك الوجوه هو الأخير ، وهو الثامن من معاني الإجماع.
وقد وقع لأفاضل المحقّقين أيضا نحو هذه الدعوى ، كما يقولون كثيرا : هذه المسألة لا نصّ فيها أصلا ، ثمّ إذا تتبّعنا نجد لها نصّا.
وكذلك يقولون : إنّ دليل هذه المسألة منحصر في حديث واحد أو حديثين مثلا ، أو يقولون : إنّ سند هذه الرواية ضعيف في كتب الحديث ، أو لم نظفر لها بسند وإنّما نقلوها بطريق الإرسال ، ونحو ذلك ممّا هو كثير ، مع ظهور الخلاف بحيث لا يشكّ فيه.
وذلك لكونه شهادة على نفي غير محصور غالبا ، وغلبة السهو والنسيان كان على (٢) طبيعة الإنسان ، حاشا من عصمه الله سبحانه من أنبيائه وحججه ، والله المسئول أن يسامحهم وإيّانا من كلّ هفوة ، ويجزيهم عنّا كلّ خير ، فقد سهلوا لنا الطريق ، وحقّقوا لنا المشكلات ؛ والله الموفّق للصواب.
الفصل السابع
في وجه حصول الخلاف مع دعوى الإجماع في كثير من المسائل
أقول : الوجه في ذلك قد صار ظاهرا بعد ما تقدّم ، وحاصله وجوه اثنا عشر :
الأوّل : عدم علم المخالف بالإجماع ، كما أنّ مدّعي الإجماع كثيرا يخفى عنه الخلاف.
__________________
(١) ذكرى الشيعة ، ج ١ ، ص ٥١.
(٢) ب : ـ على.