الفصل الثامن
في كيفية العمل بالإجماع مع تعارض دعواه ، أو حصول الخلاف معه
الإجماع إمّا أن يكون من الأقسام المعتبرة السابقة ، أو لا ؛ فإن كان الثاني فلا عمل به أصلا ، سواء عارضه إجماع آخر ، أو حصل معه خلاف ، أو لم يحصل شيء من ذلك ؛ وإن كان الأوّل ، فإمّا أن يكون من ضروريّات الدين ، أو من ضروريّات المذهب ، أو لا يكون واحدا منها.
فالأوّل والثاني يمتنع حصول إجماع آخر في مقابلهما ، بل يمتنع عادة دعوى إجماع يخالفها ، وإن اتّفق خلاف أو قول أو خبر يعارضهما فذلك شاذّ نادر ، معلوم أنّه لا يعتبر ، كما ورد في الأحاديث التي تتضمّن العمل بالأحاديث المختلفة.
وإن كان القسم الثالث ، فإذا تعارض إجماعان معتبران ، فإن كان أحدهما له سند ظاهر مرويّ عنهم عليهمالسلام فهو المعتبر خاصّة عملا بذلك النصّ ، وإلّا فإنّ فرض اعتبارهما يقتضي أنّ كلّ واحد منهما دالّ على وجود نصّ عن الأئمّة يوافقه ، فيجب العمل فيه بالترجيحات المنصوصة عنهم عليهمالسلام.
والذي يستفاد من تتبّع الأحاديث المعتبرة أنّه يجب ترجيح أحد الخبرين المختلفين على الآخر بوجه من وجوه اثني عشر. (١)
الأوّل : مخالفة التقيّة وموافقة معارضه لها ، فإنّه يتعلّق العمل بما يخالف التقيّة وترك ما يوافق مذهب العامّة.
وهذا عند المحدّث الماهر هو أقوى وجوه الجمع بين الأحاديث المختلفة ؛ لما علم بالتتبّع أنّ سبب الاختلاف إنّما (٢) هو التقيّة غالبا إن لم يكن كلّيا.
__________________
(١) ويعبّر عنها بالمرجّحات المنصوصة. انظر تفصيلها في الوافية في اصول الفقه ، ص ٣٢٤ ـ ٣٢٥.
(٢) الف : ـ إنّما.