ويفهم من هنا جواز استعلام مذاهب العامّة في المسألة التي فيها أخبار مختلفة ، إمّا بسؤال (١) علمائهم ، أو الرجوع إلى كتبهم ، فإذا علم بمذهبهم (٢) عمل بخلافه.
الثاني : مخالفة أشهر مذاهب العامّة إن كانوا مختلفين في تلك المسألة.
ووجه ذلك ـ بعد النصّ في حديث عمر بن حنظلة وغيره ـ هو أنّ التقيّة لمّا كانت سببها الخوف ودفع المفسدة ، كانت واردة بحسب شدّة الخوف وقوّة المفسدة ، وذلك في الطرف المذكور ، وخلافه قليل نادر. ولذلك وردت أكثر أحاديث التقيّة موافقة لمذهب (٣) أبي حنيفة ؛ لأنّه كان أشهر مذاهب العامّة في أكثر أوقات ظهور الأئمّة عليهمالسلام.
الثالث : كون راوي أحد الحديثين أعدل من راوي الآخر ، أو كون أحد الراويين (٤) عدلا والآخر غير عدل.
الرابع : كون راوي أحدهما فقيها خاصّة ، أو أفقه من راوي الآخر.
الخامس : كون أحدهما خاصّة صادقا في الحديث ، أو أصدق من راوي الآخر.
السادس : كون أحدهما خاصّة ورعا ، أو أورع من راوي الآخر.
والظاهر أنّ هذا معتبر في كلّ راو من الرواة ، فيرجّح أحد الحديثين المختلفين على الآخر بكلّ واحد من هذه الوجوه الأربعة في كلّ مرتبة من المراتب.
ولا يخفى أنّ هذا مع حصول الشكّ في ثبوت نقل الحديث عن المعصوم ، أمّا مع وجود القرائن المفيدة للعلم فيشكل الاعتماد على ذلك ، ولهذا قال بعض المحقّقين : إنّ ذلك إنّما هو قبل تدوين الأحاديث في الكتب والشهادة بصحّتها ، فضلا عن الإجماع عليها ، أو الشهادة بنقلها عن الكتب المعتمدة الصحيحة المجمع عليها ، كالكتب الأربعة ونحوها التي نصّ مؤلّفوها على نقلها من تلك الاصول. وهذا التخصيص يمكن أن يستفاد من حديث عمر بن حنظلة ؛ إذ هو ظاهر في أنّ الحديثين
__________________
(١) الف ، ب : لسؤال.
(٢) الف ، ب : مذهبهم.
(٣) الف : بمذهب.
(٤) م : الروايتين.