الحقّ فيما عند الإمام والأقوال الأخر يكون كلّها باطلة ، ولا يجب الظهور ؛ لأنّا كنّا نحن السبب في استتاره ، وكلّ ما يفوتنا من الانتفاع به وبتصرّفه وبما معه من الأحكام يكون قد اتينا من قبل نفوسنا ، ولو أزلنا سبب الاستتار لظهر وانتفعنا به ، وأدّى إلينا الحقّ الذي عنده.
وهذا عندي غير صحيح ؛ لأنّه يؤدّي إلى أن لا يصحّ الاحتجاج بإجماع الطائفة أصلا ؛ لأنّا لا نعلم دخول الإمام فيها إلّا بالاعتبار الذي بيّنّاه ، فمتى جوّزنا انفراده وقلنا لا يجب ظهوره ، منع ذلك من الاحتجاج بالإجماع.
انتهى كلام الشيخ قدسسره. (١)
ولا يخفى قوّة كلام المرتضى رضي الله عنه وأنّه هو الذي يجب المصير إليه هنا ، ولا بدّ من تحقيق دخول الإمام بما ذكرناه سابقا ، ولو وجب ظهور الإمام عند وجود الاختلاف لظهر واشتهر ووجد له أثر ؛ إذ الاختلاف بين الاصوليّين وأخباريّين واقع في أكثر المسائل اصولا وفروعا ، والأدلّة متعارضة ، والأقوال متباينة ، وفي عدم ظهوره عليهالسلام وإزالة الاختلاف عنهم دليل واضح على صحّة كلام السيّد المرتضى رضي الله عنه هنا ؛ والله الموفّق.
الفصل العاشر
في بيان الأحاديث المجمع عليها عموما أو خصوصا
أقول : تحقيق الإجماع هنا سهل ، وأمره واضح ؛ فإنّا نقطع بالتتبّع وتصريح علمائنا أنّ الاصول الأربعمائة قد أجمعوا على صحّتها (٢) ، وكانت في زمن الكليني والشيخ والصدوق في غاية الشهرة والظهور ، وصرّح بذلك جمع كثير من المحقّقين ،
__________________
(١) المصدر ، ص ٦٣١. ولم نعثر على قول السيّد المرتضى ولكن انظر الذريعة إلى اصول الشريعة ، ج ٢ ، ص ٦٠٥ و٦٠٦.
(٢) انظر الرعاية في علم الدراية ، ص ٧٢ ، وبه صرّح الأسترآبادي في فوائد المدنيّة ، ص ١٧٨. منهم الشهيد الثاني في شرح البداية في علم الدراية ، ص ١٧ ، والشيخ البهائي في مشرق الشمسين ، ص ٢٦.