الأخباريين ؛ لمصيرهم إلى التخيير كما عليه الأوّلون ، أو التوقّف كما عليه الآخرون (١) ، وكلاهما ينافيان المطلوب من وجوب العمل بأخبار الآحاد وتحتّمه قطعا بحيث يكون مخالفتها وطرحها حراما.
أمّا على التقدير (٢) الآخر (٣) فواضح ، ومقتضاه عدم جواز الخروج عن الدليل القطعي الدالّ على عدم جواز العمل بالظنّ مطلقا ، وخصوص الأدلّة القاطعة النافية للتكليف كأصالة البراءة ونحوها في خصوص المسألة التي وردت أخبار الآحاد بإثبات التكليف فيها.
وأمّا على التقدير الأوّل فكذلك أيضا وإن كان فيه شائبة الوجوب ؛ لأنّ غايته الوجوب التخييري ، وهو خلاف المطلوب المجمع عليه بين الفريقين المانعين عن حجّيّة (٤) الآحاد والمثبتين لها ؛ فإنّ الأوّلين يحرّمون العمل بها ، والباقين يوجبونه ويحرّمون التخلّف عنها مطلقا ، مع أنّ البناء على التخيير يوجب (٥) المحذور الذي قدّمناه من (٦) استلزام ترك العمل إلّا بالظنون (٧) المخصوصة المجمع عليها مثلا الخروج عن الدين من حيث لا يشعر تاركه ، وذلك فإنّ محصّل التخيير و(٨) مفاده جواز ترك العمل بالآحاد (٩) مطلقا ، و(١٠) في المواضع كلّها والرجوع إلى الأدلّة القطعيّة والظنون المخصوصة ، ولو بنى بان (١١) على هذا وأخذ فقهه وحصّله كذلك ، لم يكن له من الدين إلّا رسمه ، ومن الإسلام إلّا اسمه (١٢) .
فإن قلت : لم يلزم ذلك ؟ والحال أنّه في كلّ مسألة اجتهاديّة وقع الخلاف فيها لو ترك
__________________
(١) ر ، س : المتأخّرون.
(٢) خ ، ع : تقدير.
(٣) ق : الأخير.
(٤) خ ، ش : + الأخبار.
(٥) ع ، ر ، ق ، س : موجب.
(٦) للمثبت من س ومفاتيح ، وفي سائر النسخ : في.
(٧) في مفاتيح : بما عدا الظنون.
(٨) ر ، م ، ق : ـ و.
(٩) خ : بأخبار الآحاد.
(١٠) في مفاتيح : ـ و.
(١١) ش : + يحصل. وفي مفاتيح : ـ بان.
(١٢) ش ، ع : إلّا اسمه ... الإسلام إلّا رسمه.