مقدّمة التحقيق
لقد وقع البحث بين الفقهاء والاصوليّين من الأصحاب والعامّة حول قاعدة « التسامح في أدلّة السنن والمكروهات » منذ زمان الصدوقين ـ رحمهماالله ـ تقريبا ؛ (١) ولا زال يدور إلى يومنا هذا ، وهي من أهمّ القواعد الاصوليّة على رأي الأكثر من الباحثين ، ومنهم المحقّق الأعظم استاد المجتهدين الشيخ مرتضى الأنصاري رحمهالله وغالب من تبعه بعده ، (٢) أو من القواعد الفقهيّة كما هو الظاهر من عمل بعض المحقّقين أو صرّح به البعض الأندر. (٣)
وأمّا أصل هذه القاعدة فمقبول عند الجمهور من الفريقين إلّا من شذّ وندر ، كالظاهر من عمل الصدوقين ـ رحمهماالله ـ والمحقّق البحراني وغيرهما ، (٤) أو صريح قول السيّد الخوانساري في مواضع من كتابه جامع المدارك ، (٥) أو السيّد محسن الحكيم من المعاصرين ، حيث قال في مستمسك العروة : « وأمّا قاعدة التسامح في أدلّة السنن فغير ثابتة ، بل الظاهر من أخبارها أن ترتّب الثواب على مجرّد الانقياد ، فلا طريق
__________________
(١) انظر : الفصول الغرويّة ، ص ٣٠٥.
(٢) انظر : رسائل فقهيّة للشيخ الأنصاري ، ص ١٤٩.
(٣) راجع على سبيل المثال : الحدائق الناضرة ، ج ١٠ ، ص ٥٣٥ ؛ عوائد الأيّام للمحقّق النراقي ، ص ٧٩١ ؛ فوائد الاصول للمحقّق الكاظمي ، ص ٤١٥ ؛ القواعد الفقهيّة للسيّد البجنوردي ، ج ٣ ، ص ٣٢٥ ؛ .
(٤) انظر : الحدائق الناضرة ، ج ١٠ ، ص ٥٣٥ ؛ مشارق الشموس للمحقّق الخوانساري ، ص ٣٤ ؛ الفصول الغرويّة ، ص ٣٠٥.
(٥) انظر : جامع المدارك ، ج ١ ، ص ٢٠٦ وص ٥٠٧ ؛ وج ٢ ، ص ٢٠٦ و٢٢٨ و٢٢٩ ؛ وج ٥ ، ص ١٩٠.