وذلك بخلاف قاعدة الضرر ونفي الحرج ؛ فإنّهما بعد إثباتهما من مأخذهما لا حاجة إلى استنباط في إعمالهما ، فتكونان من المسائل الفقهيّة التي يعمل بها المقلّد بعد ما أخذها من الفقيه على نحو الكلّيّة أو غيرها يفسّر الموارد (١) ، وذلك الاستصحاب في الأحكام الكلّيّة ، فلاحظ.
ويمكن الخدشة في الموردين : (٢)
أمّا الأوّل ، فبوضوح الفرق بين مفاد أدلّة التسامح وأدلّة اعتبار الأمارات ، وذلك لوضوح أنّ المستفاد من أدلّة الأمارات اعتبارها بعنوان كاشفيّتها عن الواقع ، والاتّكال إليها من تلك الجهة ، والحاصل وضوح كون الأمر في الأمارات لإحراز الأحكام الواقعيّة في مواردها ، وكون الاعتبار من أجل كاشفيّتها عنها ظنّا بخلاف ما نحن فيه ؛ فإنّ الظاهر من الأخبار ـ على ما ستعرفه ـ أنّ الثواب عطاء من الله لمجرّد العمل له ، وأن لا نظر فيها إلى مطابقة الأخبار للواقع وصدقها ؛ بدليل قوله : « وإن لم يكن الأمر كما بلغه » (٣) ونحوه.
فالحكم بإعطاء الثواب البالغ نظير الحكم المجعول في مورد الشكّ وأمثاله من الموضوعات المركّبة الملحوظة بعناوينها ، حيث لا نظر فيها إلى مطابقتها للواقع ، وإن كان الواقع أنّ الشارع لم يجعل للشاكّ إلّا ما هو أغلب مطابقة لحكمه الواقعي في موارد الشكّ ، بمقتضى مصلحة الأحكام الواقعيّة ؛ فإنّ مجرّد ذلك لا يقتضي كون الاستصحاب ـ مثلا ـ من أجل الأماريّة.
وبالجملة فله حينئذ أن يقول : فرق بيّن بين المقامين ، حيث إنّ الاعتبار في الأمارة من أجل الكاشفيّة ، فتكون جهة معتبرة بخلاف ما نحن فيه ، فلم يلحظ فيه الكاشفيّة ، والحكم بإعطاء الثواب حكم ثابت عن تفضّل ، مع قطع النظر عن المطابقة
__________________
(١) كذا قرأناه.
(٢) كذا قرأناه.
(٣) الإقبال ، ص ٥٥٦ ؛ مسكّن الفؤاد ، ص ٣٤ ؛ وسائل الشيعة ، ج ١ ، ص ٨٢ ، ح ١٩٠.