الثاني ، وبتلك الملاحظة ، والثواب الموعود في أخبار التسامح ليس على امتثال نفس تلك الأخبار بالضرورة ، فلاحظ.
والحاصل أنّ أخبار التسامح لا تثبت التعبّد بترتيب آثار [ الأحكام ] الواقعيّة على مضمون تلك الأخبار ، وإنّما هو وعد ثواب على فرض العمل ، ويثبت الاستحباب بعد تحقّق الثواب بذلك الوعد ، ويصحّ الأخذ به على وجه الواقعيّة لمطلوبيّته ، وهذا غير محلّ البحث ، فلاحظ.
ولو سلّم ثبوت تعبّد في العمل واستفادته من أخبار التسامح ، فهو أيضا لا يوجب كون المسألة اصوليّة.
[ الأخبار التي يستدلّ بها في قاعدة التسامح ]
وإذا عرفت ذلك ، فالذي يستدلّ عليه للحكم أخبار نوردها متروكة الأسناد ؛ للاستغناء عن ملاحظتها بالكثرة واشتهار الحكم رواية وفتوى بين الخاصّة ، (١) ورواية بين العامّة أيضا. (٢)
[ ١. ] فعن صفوان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : « من بلغه شيء من الثواب على شيء (٣) من الخير (٤) ، فعمل به ، (٥) كان له أجر ذلك وإن كان رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يقله » . (٦)
__________________
(١) وقد عبّر الشيخ الأنصاري رحمهالله عن هذه الأخبار بالمستفيضة التي لا يبعد دعوى تواترها معنى. انظر :
رسائل فقهيّة ، ص ١٤٢.
(٢) انظر على سبيل المثال ما نقل ابن فهد الحلّي رحمهالله في كتاب عدّة الداعي ، ص ٩ من طريق العامّة ، عن عبد الرحمن بن الحلوان ، مرفوعا إلى جابر بن عبد الله الأنصاري ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، حيث قال : « من بلغه عن الله فضيلة ، فأخذها ، وعمل بما فيها إيمانا بالله ورجاء ثوابه ، أعطاه الله تعالى ذلك وإن لم يكن كذلك » .
وراجع أيضا : تاريخ بغداد ، ج ٨ ، ص ٢٩٦.
(٣) في الإقبال والعدّة : ـ « من الثواب على شيء » .
(٤) في الثواب : « خير » .
(٥) في الثواب والوسائل والبحار : « فعمله » بدل « فعمل به » .
(٦) رواه الشيخ الصدوق رحمهالله في الثواب عن أبيه ، عن عليّ بن موسى ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ،