عنوان المشتبه ، ويتحقّق المفسدة الموجبة لطلب الترك استحبابا على سبيل الجزم ، وإذا شمل أخبار التسامح لذلك العمل ، وحكم بأنّ الشارع يثيب عليه يحصل الأمن من مفسدة الحرام المحتملة ، لعدم تداخل وجودها فيما يثيب عليه الشارع ، وبواسطة اندفاع احتمال المفسدة بذلك الوجه كأنّه يرتفع الشبهة ، ولا يدخل العمل فيما يطلب تركه استحبابا بواسطة وجود مفسدة في الفعل يقينا أوجب مرجوحيّته ، فكان الحكم بالثواب يوجب الخروج عن موضوع الاحتياط بلا تعرّض فيها لأخبار التسامح بوجه من الوجوه ، فلاحظ ذلك جيّدا.
الثاني : الظاهر أنّه لا يشترط في تحقّق موضوع أخبار التسامح حصول الظنّ بالواقع من الخبر المبلّغ للإطلاق المحكّم والصدق العرفي ، وأمّا مع حصول الظنّ بالخلاف ، وإن كان الظاهر في بادي النظر شمول الإطلاق ، ولكن فيه عرفا لا يخلو عن وجه ، بل ويرشد إليه قوله : « فعمله التماس ذلك الثواب » ، وقوله : « طلبا لقول رسول الله » وأمثالهما ؛ فإنّ إمكان الالتماس والطلب مع مرجوحيّة الثبوت وموهوميّته لا يخلو عن إشكال ، فالبلوغ وإن كان صادقا إلّا أنّ الظاهر اعتبار إمكان العمل بذلك الوجه في موضوع أخبار التسامح ، وهو غير متحقّق في صورة وجود الظنّ بالخلاف كما لا يخفى.
الثالث : حكي عن صريح بعض وظاهر جماعة أنّ التسامح ثابت في المكروه أيضا ، بأنّ ما بلغ قد يكون عنوان الثواب ، أو الوجوب والاستحباب الملازمين له ، وقد يكون مرجوحيّة الفعل مثلا فهل يحكم برجحان الترك وإن لم يكن الخبر من الأدلّة المعتبرة في الشريعة ، أم لا ؟
وجه المنع ملاحظة الظهورات البدويّة ، وأمّا العموم فيتمسّك له بعدم القول بالفصل ، وما يستظهر من كلماتهم ، وبتنقيح المناط ؛ للاطمئنان بأنّ وجه إعطاء الثواب الموعود في صورة بلوغ الثواب على الفعل إنّما هو صدور الفعل من العبد للمولى ، وكونه في خدمته ومتحرّكا له ، وهذا الوجه بعينه موجود فيما ترك أمرا مرجوحا لأجله وإن لم يطابق الواقع في المقامين.