وهذا لا يخلو عن تأمّل ؛ فإنّ الثابت من الأخبار أنّ الله ـ جلّ جلاله ـ من تفضّله وعد العالمين ثواب ما بلغه ، وإن لم يكن كما بلغه ، وهذا المعنى قابل للاختصاص بصورة دون اخرى ، وعمل دون آخر ، وفرض دون غيره ، وليس استحقاق ذلك الثواب الخاصّ ممّا يستقلّ به العقل حتّى تحكم به في التروك أيضا.
مضافا إلى عدم حصول القطع بالمناط ، واحتمال وجود الفارق ، ومثل قوله (١) بأنّ الواردة في مقام العمل بالأولويّة ونحوه ، ولكنّ الأقوى بعد ذلك عدم الحكم للأفعال والتروك.
ويدلّ عليه الإطلاق في روايات ، مثل ما في صحيحة هشام : « من بلغه شيء من الثواب » ، واريد بالثواب نفس العمل ، ولا شكّ في شموله لما نحن [ فيه ] خصوصا بعد ملاحظة ما عرفت سالفا من أنّ « بلغ كذا » يشمل ما يبلغ بالدلالة الالتزاميّة أيضا ، والبالغ وإن كان مرجوحيّة فعل شيء إلّا أنّ ذلك يستلزم رجحان تركه ، وكون تركه من الثواب بضرورة أنّ ترك كلّ مرجوح لله عليه ثواب لا يتوقّف على طلبه بطلب آخر شرعي كما لا يخفى.
وإذا شمل قوله : « شيء من الثواب » ـ بعد التقرير ـ للفعل والترك معا عمّ الحكم ، ولا يمنعه قوله : « فعمله » ، فإنّ المراد منه إيجاد ذلك الثواب في الخارج ، إن فعلا فبالفعل ، وإن تركا فبالترك ، ولا يختصّ بالأفعال الوجوديّة جزما ، فلاحظ.
الرابع : أنّ فتوى الفقيه هل يصدق [ عليها ] « بلغ الثواب » أم لا ؟
وتحريره أنّ الفقيه إذا قال : يستحبّ العمل الفلاني ، فهو وإن كان إخبارا عن رأيه ، إلّا أنّه حاك ذلك عن أنّه الدين ، فهو حاك للحكم المستلزم للثواب ، فوجود الفتوى من فقيه يوجب تحقّق موضوع أخبار التسامح.
نعم ، هذا إذا كان مدرك الفتوى غير معلوم ، أو معلوما ولكن احتمل صحّته وصحّة
__________________
(١) كذا.