الاعتماد عليه ، وأمّا إذا علم المدرك وفساده ، فإخباره الالتزامي يكون معلوم الكذب ، لا يجوز الاعتماد عليه ، ولا يصدق عليه بلوغ ثواب كما لا يخفى. (١)
الخامس : إذا وجد استحباب عمل في طريق المخالفين ، فهل يحكم بمقتضى تلك الأخبار بثبوت الثواب عليه واستحبابه ؟
فالظاهر من جماعة ـ ومنهم : السيّد في الإقبال ، والكفعمي في الكتابين ـ (٢) جواز ذلك ، وما اطردا من إيراد المندوبات من طرقهم. (٣)
ولكنّ الظاهر من أخبار عديدة عدم الجواز ، وهي ما دلّت إلى مخالفتهم بالأمر بسؤالهم ، والأخذ بضدّه ، وترك ما يميل إليه ثقاتهم ، خصوصا المعلّلات بأنّ الرشاد في خلافهم ، وأنّهم كانوا يسألون عن عليّ عليهالسلام ثمّ يفعلون من قبل أنفسهم ضدّه ، وإلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة الناهية عن الاعتماد إليهم والمشاركة معهم ، وسلوك واد واحد بالتأكيدات الأكيدة البليغة. (٤)
ومنه يظهر ضعف ما يدّعى من تخصيص أدلّة النهي بموارد الأحكام التكليفيّة من الوجوب والتحريم ؛ فإنّ تلك العمومات المعلّلة غير قابلة للتخصيص كما لا يخفى.
وكذا القول بعدم وجود الداعي إلى قصد المندوبات ، مضافا إلى ما شوهد منهم.
ولكنّ المناص عن ذلك أنّ أدلّة النهي تدلّ على أن لا حقّ معهم ، ويجب تركهم من تلك الجهة ، وأخبار التسامح لا يتوقّف كلّها على إثبات الحقّيّة حتّى يقال بالتنافي ، بل المصرّح به فيها ثبوت الثواب ، وإن كان مخالفا للواقع ، فالنهي لعدم وجود الواقع
__________________
(١) انظر للمزيد حول هذه المسألة : مفاتيح الاصول ، ص ٣٥١ ؛ عوائد الأيّام ، ص ٧٩٦ ؛ رسائل فقهيّة للشيخ الأنصاري ، ص ١١٢.
(٢) أي المصباح والبلد الأمين.
(٣) واستظهره المحقّق النراقي رحمهالله في عوائد الأيّام ، ص ٧٩٤ اتّكالا على عمومات التسامح ، ثمّ قال : « ولا ينافيه الأخبار الناهية عن أخذ الأحكام من أخبار المخالفين ؛ لأنّ الظاهر منها النهي عن الاستناد إليها ، وذلك ليس كذلك ، بل استناد إلى روايات أصحابنا » . واستقواه أيضا الشيخ الأنصاري رحمهالله في رسالته.
(٤) انظر على سبيل المثال : علل الشرائع ، ص ٥٣١ ، ح ١ ؛ وسائل الشيعة ، ج ٢٧ ، ص ١١٦ ، ح ٣٣٣٥٧.