بأيديهم لا ينافي ذلك التجوّز.
وقد يقرّر بوجه آخر ، وهو أنّ الثابت من تلك الأدلّة عدم جواز الاتّكال إليهم ، ولا نتّكل في مصاديق أخبار التسامح في حكمها من الاستحباب إلى تلك الأخبار ، بل المعتمد ما ذكرناه ، فيقف كذبهم ويضرّهم ، فلاحظ.
السادس : ذكر بعضهم أنّ الفقيه إذا أحرز الحكم من أخبار التسامح ، لا يجوز له الإنشاء باستحباب فعل ورد به خبر ضعيف لمقلّده ، وحاصله أنّ الحكم في أخبار التسامح مختصّ بالفقيه ولا يتعدّاه ، ولكن لا بعنوان كونه فقيها. (١)
ويمكن أن يستدلّ له بأنّ الحكم المستفاد من تلك الأخبار ثابت لموضوع خاصّ لم يتحقّق بعد ، وهو من بلغه ثواب على العمل فيما إذا فرض المقلّد غير مطّلع على تلك الرواية ، فلا يكون الحكم له أيضا ، ولا يكون بيانه له بيانا للحكم الشرعي وفتوى للفقيه.
فإن قلت : إذا سمع المقلّد ذلك القول يصدق أنّه بلغه ثواب حسب ما قرّر سابقا من كون الفتوى مستلزما للإخبار عن ثبوت الثواب في الواقع ، فيثبت الحكم.
قلت : الكلام في كون قوله : « الفتوى الفلاني مستحبّ » بيان حكمه ، وعلى المفروض إنّما يثبت له استحباب في الواقع بعد ما سمع الفتوى والخبر الالتزامي يتحقّق المناط في الاستحباب ، لا أنّه يكون المبيّن في كلام الفقيه نفس حكمه ، وله حينئذ ملاحظة المعارض من الخبر والفتوى ونحوهما ، وهذا كما ترى يخرج عن الفتوى والعمل به وأخذه كما لا يخفى.
وإنّما الكلام في جواز بيان الفقيه ذلك ، وعمل المقلّد بما بيّنه من غير انتظار شيء ، فإنّ هذا هو المسمّى بالفتوى والعمل بها.
وملخّص القول أن لا يصحّ الحكم على موضوع غير محقّق بعد ، كما في ما نحن فيه
__________________
(١) انظر : مفاتيح الاصول ، ص ٣٥١ ؛ عوائد الأيّام ، ص ٧٩٥.