ونقل الخبر المعلوم كذبه مضمونه كذب ، وبرواية ممّا قد يشكل فيه من باب لازم الإخبار بشيء من الظهور في اعتقاد الثواب ونحوه والإغراء ، وفيه ما لا يخفى ؛ فإنّ النقل بما هو نقل لا يكشف عن ذلك إلّا في مقام الاستناد والإشهاد ونحوه ، والإغراء لم يقم دليل على حرمته ، فقولك : « قال فلان كذا » وأنت ترى مخالفة ما أخبر به للواقع لا يكون كذبا ولا حراما إلّا أن يظهر اعتقاد الصحّة ، فهو يكون إخبارا حينئذ بالواقع ، ويتحقّق الكذب ، فلاحظ. (١)
التاسع : قد اشتهر بين الأصحاب حمل الخبر الضعيف الدالّ على الوجوب على الاستحباب ، والدالّ على الحرمة على الكراهة ، ولعلّ اعتمادهم في ذلك إلى أخبار التسامح ، فيكون الخبر بدلالته على الثواب في الجملة ـ إمّا على الفعل أو الترك ـ موضوع تلك الأخبار ، فيثبت استحباب ما بلغ فيه الثواب شرعا ، ولمّا كان استحباب الترك مطلوبا ، وثبوت رجحان فيه ملازما لمرجوحيّة الفعل ، ولكن من الامور المرجوحة في نفسها ، يثبت الكراهة فيما دلّ على الحرمة بعد التسامح بواسطة الملازمة بين استحباب ذلك الترك وكراهة الفعل.
العاشر : قد يتمسّك بعض المتأخّرين بأخبار التسامح في صورة دلالة الخبر على الحكم ، وفساده واضح ؛ لعدم بلوغ الثواب والخير ، وإنّما هو محتمل بمعنى أنّه يحتمل كون البالغ ثوابا وغير ثواب ، ولم يظهر من تلك الروايات حسن الإتيان بذلك المحتمل ، وأمّا الثابت مع الصراحة في الثوابيّة ، واحتمال كون البالغ مطابقا للواقع وعدمه ، ولا يتعدّاه ، ولعلّ ذلك واضح إن شاء الله.
الحادي عشر : لو دلّ الخبر الضعيف سندا على أفضليّة أحد المستحبّين المعلوم استحبابهما ، فهل يصحّ إثبات الأفضليّة استنادا إلى تلك الأخبار ؟
__________________
(١) في حاشية النسخة : « قد يتمسّك مع قطع النظر عمّا ذكرناه بعمومات الإبكاء والرثاء وذكر الفضائل وأشباه ذلك ، بأنّ مقتضى إطلاق استحباب ذلك جواز النقل في المشكوك. وفيه أنّ مورد ذلك الأمر المعلوم جوازها فإنّه القابل للاستحباب ونحوه ، بخلاف محتمل الحرمة ونحوه ، فلاحظ » .