الابن (١) ، والغريب معذور ، والأئيب حرور جسور ؛ لأنّه غير مستأنس بالسليقة المعروفة ، ولا مستأنس للطريقة المألوفة ، (٢) فإن عثرتم زللا أو خللا (٣) فاعتذروني فهو خير عملا ﴿ إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً ﴾(٤) والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته. (٥)
الاولى : (٦) اعلم أنّ معظم مباحث هذا العلم إنّما هي دلالات الألفاظ ، ولا سبيل لنا إلى ثبوتها وتحقّقها إلّا النقل أو التبادر والظهور عند القوّة الذهنيّة ولو بالتأمّل والنظر كما في صورة الدلالات الالتزاميّة ، فمهما لم يوجد فيها تبادر ولا ظهور ، فإثباتها بالاستدلالات العقليّة والكلمات الوهميّة تحكّم وزور. وكذلك إذا حصل شيء منهما ، فالاستدلال على خلافهما من التجاهل والغرور ، وعلى وفاقهما بالتمسّك بأشياء أخر زيادة مستغنى عنها ، إلّا إذا افتقر إلى مؤيّد لضعفهما مثلا.
ثمّ هذا القدر من التبادر والظهور كاف في إثبات الدلالات ؛ لأنّ بناء إثباتها على ما تسمّيه (٧) الظنّ والرجحان ، لا البتّ واليقين العقلي ، (٨) بل ولا يمكن إثباتها بغيرهما ؛ لأنّ منشأها إنّما هو الوضع لا غير ، ولا سبيل لنا إليه إلّا النقل أو (٩) التبادر ، ولا يفيدان القطع إلّا نادرا ؛ فعلى هذا إيراد الاحتمالات العقليّة المخالفة لهما لا يصير إبطالا ولا نقضا. ولقد كثر في هذا العلم ممّا ذكرت لك من المنكرات حتّى صار أكثر اغتشاش هذا العلم من أجلها.
ولعمري إنّها ليست إلّا من جهل وجدال ، أو عناد وضلال ، أو تفاخر وتكاثر في أندية (١٠) الرجال.
__________________
(١) كذا. ولعلّ المراد : غائب الابن. راجع : لسان العرب ، ج ١ ، ص ٢١٩ ( ا وب ) .
(٢) ب : لأنّه غير مستأنس بالطريقة المألوفة ولا مستأنس للسليقة المعروفة.
(٣) ب : خللا أو زللا.
(٤) النساء (٤) : ١٤٩.
(٥) ب : ـ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(٦) أي اللطيفة الاولى.
(٧) الف : ـ ما تسمّيه.
(٨) الف : ـ العقلي.
(٩) الف : و.
(١٠) الأندية : المجالس لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ٣١٤ ( ندى ) .