والدليل : الخبر المتّصف بما ذكر يظنّ صدقه ، وكلّ ما يظنّ صدقه يجب العمل به.
أمّا عقلا فظاهر ، وأمّا نقلا فلآيتي النفر والنبأ (١) وللعادة أيضا.
وأمّا ما دلّ على النهي عن اتّباع الظنّ فمخصوص بالاصول ، أو بما إذا أمكن تحصيل العلم فيه كذا قيل. (٢)
والبراءة الأصليّة لا تقاومه.
وأمّا بدون هذه الشروط ، فلا يحصل الظنّ بصدقه ، خصوصا إذا عارضه غيره ، فلا يعمل به.
محاكمة للمتدبّرين بين القدماء والمتأخّرين :
ذهب السيّد (٣) وابن زهرة (٤) وابن البرّاج (٥) وابن إدريس (٦) وكثير من القدماء (٧) إلى المنع عن العمل بخبر الواحد ، حتّى أنّ السيّد قال : ردّ خبر الواحد صار شعار الإماميّة حتّى أنّهم عرفوا به مثل ردّ القياس.
والمتأخّرون أطبقوا على العمل به ، ونقلوا أيضا أنّ الإماميّة طرّا يقبلون أخبار الآحاد. ولكلّ أيضا أدلّة. (٨)
والذي يظهر لي أنّ بناء القدماء على حال إمكان تحصيل العلم ، فإنّهم كانوا في زمان يمكن فيه (٩) تحصيله ، وبناء المتأخّرين على حال عدم إمكانه ؛ لأنّه في زمانهم لا يتيسّر تحصيله ، ومعلوم أنّه في هذه الصورة لا وجه لردّه كما أنّ في الصورة الاولى لا وجه لقبوله.
__________________
(١) ب : + والاذن.
(٢) ب : ـ كذا قيل.
(٣) الذريعة ، ج ٢ ، ص ٥١٧.
(٤) غنية النزوع ( ضمن الجوامع الفقهيّة ) ، ص ٤٧٥.
(٥) نقل عنه في المعالم ، ص ١٨٩.
(٦) السرائر ، ج ١ ، ص ١٩.
(٧) منهم الشيخ في عدّة الاصول ، ج ١ ، ص ٩٧. وللمزيد راجع : فرائد الاصول ، ج ١ ، ص ٢٣٩ ـ ٢٤٠.
(٨) للتعرّف على المسألة والأقوال فيها راجع : فرائد الأصول ، ج ١ ، ص ٢٣٧ وما بعدها.
(٩) ب : ـ فيه.