تثبت بمحض قوله عليهالسلام لعلّة كذا أم لا ؟ وهذا لا يثمر ثمرة ؛ لأنّ الكلام إنّما هو بعد ثبوتها.
وأمّا الثاني ، فالأقرب أنّه حجّة إذا كان الاستنباط فيه مفيدا للعلم الشرعي ، كما إذا كان بالدوران أو الترديد ؛ لأنّ المقتضي لحجّيّته حينئذ ـ وهو الظنّ القويّ ـ موجود ، ولا مانع عنه عقلا سوى الاحتمالات المرجوحة التي لا تصلح للمنع ، وإلّا لم تكن شيء من الأدلّة حجّة ، ولا شرعا سوى نهي الأئمّة عليهمالسلام عنه ، وسيأتي في المحاكمة ما يظهر لك أنّه ليس بمانع.
وأيضا القسم الأوّل ـ وهو الطريق الأوّلي الذي أولويّته فرع ثبوت العلّة وأولويّتها ـ متّفق على قبوله من غير اشتراط النصّ على العلّة فيه.
محاكمة لاولي الألباب بين القول وعمل الأصحاب :
اعلم : أنّ أصحابنا معشر الإماميّة يقولون : إنّ القياس ليس من مذهبنا وينكرونه إنكارا شديدا حتّى أنّه صار شعارا لهم ، وسبب إنكارهم إنّما هو إنكار الأئمّة الطاهرين عليهمالسلام ، فإنّهم أيضا أنكروه إنكارا شديدا ونهوا عنه نهيا شديدا (١) حتّى أنّهم عليهمالسلام عرفوا به وصار لهم أيضا شعارا ، ولكن تراهم يعملون به في جميع الموارد ، ولكن مرّة يسمّونه الطريق الأولى ، ومرّة يسمّونه المنصوص العلّة ، ومرّة يسمّونه تنقيح المناط ، ومرّة يسمّونه اتّحاد المسألتين ، ومرّة يسمّونه تمثيلا ، ومرّة يعمّمون في النصّ على العلّة تعميما لا يشذّ عنه فرد من أفراده كالعلّامة في التهذيب ، (٢) وكذلك أهل بيت العصمة عليهمالسلام أيضا تكلّموا في أغلب أبواب الفقه بطريق القياس المستجمع للشرائط مع شيعتهم حتّى في بعضها قال الراوي : هذا هو القياس ؟ فقال عليهالسلام : « لا ، هذا تمثيل » . (٣)
__________________
(١) ب : ـ ونهوا عنه نهيا شديدا.
(٢) هو تهذيب الاصول ، ولكن لم نعثر عليه.
(٣) راجع : الكافي ، ج ٤ ، ص ٢٣٤ ، باب صيد الحرم و... ، ح ١٢ ؛ الفقيه ، ج ٢ ، ص ٢٦٠ ، ح ٢٣٦١ ؛ تهذيب الأحكام ، ج ٥ ، ص ٣٦٠ ، ح ١٦٥ ؛ الاستبصار ، ج ٢ ، ص ٢٠٦ ، ح ٤ ؛ وسائل الشيعة ، ج ١٣ ، ص ٦٦ ـ ٦٨ ، ح ١٧٢٤٨ ـ ١٧٢٥٠.