وأقول : قوله : سكن المدينة .. لم يقع في محلّه ؛ ضرورة ظهوره في عدم كونه من أهلها ، وذلك ينافي وصفه ب : السلمي ، فإنّ بني سلمة بطن من الخزرج ، وبني السلم بطن من الأوس ، وكلاهما أهل المدينة ، ولا يصحّ أن يقال للرجل منهم أنّه سكن المدينة ، ولذا لم ينطق بذلك في حقّ الرجل غير الشيخ رحمه اللّه ، بل قالوا (١) : إنّه أنصاريّ سلمي شهد بدرا ، واحدا ، والخندق وسائر المشاهد مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم.
وهو أوّل من أسلم من الأنصار قبل العقبة الأولى.
وعلى كلّ حال ؛ فلا يبعد عندي حسن حال الرجل.
__________________
(١) قال في الإصابة ٢١٤/١ برقم ١٠٢٥ : جابر بن عبد اللّه بن رئاب بن النعمان بن سنان ابن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري السلمي ، أحد الستة الّذين شهدوا العقبة الأولى ، قال ابن إسحاق : حدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن أشياخ من قومه قالوا : لمّا لقي النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم الستة من الأنصار ، وهم : أسعد بن زرارة ، وجابر بن عبد اللّه بن رئاب .. إلى أن قال : .. عن عروة إنّه فيمن شهد بدرا.
وفي اسد الغابة ٢٥٦/١ ـ وبعد ذكر عنوانه ونسبه ـ قال : شهد بدرا واحدا والخندق وسائر المشاهد مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ..
وفي الاستيعاب ٨٥/١ برقم ٢٩٣ ، قال : شهد بدرا واحدا والخندق وسائر المشاهد مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وهو أوّل من أسلم من الأنصار قبل العقبة الأولى ..
وفي تجريد أسماء الصحابة ٧٣/١ برقم ٦٨٢ ، قال : أسلم مع النفر الستة قبل العقبة الأولى ، وشهد بدرا ، يروي عنه أبو عباس ، وابن سلمة ، وانظر : الكاشف ١٧٧/١ برقم ٧٤١ ، وفيه : أنّه مات سنة ٧٨.
حصيلة البحث
لا ينكر بأنّ المترجم شهد المشاهد كلّها مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وأنّه أوّل من أسلم من الأنصار قبل العقبة الأولى ، وحيث إنّه أدرك الفتنة الكبرى ، وزمان إمامة السبطين صلوات اللّه وسلامه عليهما ، وزمان السجاد عليه السلام ، ولم يذكر له موقف واحد مشرّف يؤيد أئمة الدين ، فلا بد من التوقف فيه وعدّه غير متّضح الحال.