بل و رغم ما أحاطته من ظروف قاهرة، و أعباء شاقة عسرة ١.
و لا غرو في ذلك، فانّ لهذا العلم البارع تخصّصا فريدا و متميّزا، و أسلوبا رائعا شيقا ترك الكثير من الآثار البالغة في هذا المنحى الكبير من علوم مدرسة أهل البيت (عليهم السّلام) و مناهجها الكبرى، و به عرف و اشتهر، حتى قيل انّ فصاحة منطقه، و بلاغة كلامه، جعلت من عبارات دعواته و زياراته الملهمة المسطّرة في كتبه تشتبه كثيرا-عند البعض-مع عبارات أهل بيت العصمة (عليهم السّلام) ٢.
المؤلّف ٣و الكتاب
مؤلّف الكتاب هو السيّد علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن
١) واجه السيد ابن طاووس في حياته المباركة الشريفة جملة متعددة من الظروف العسرة التي حمّلته أعباء كبيرة أثقلت كاهله الشريف، منها: الغزو المغولي للدولة الاسلامية، و اسقاطهم لحكومته المركزية بعد مجازر وحشية مروعة، و حيث جهد السيّد (رحمه اللّه) في درء هذا الخطر عن الدولة الاسلامية ما قدر على ذلك، و لكنه جوبه بتعنّت الحاكم العبّاسي، و سوء تدبيره، فلم يجد السيّد ابن طاووس (رحمه اللّه) بدا من المحافظة على ما يمكن المحافظة عليه من الأنفس و الأعراض و الأموال في باقي مدن العراق، فوفّق في ذلك، و سلمت باقي المدن من هذا الاجتاج الوحشي، حين كان نصيب بغداد الخراب، و الدمار بأيدي المغوليين المتوحشين. و منها: تصديه (رحمه اللّه) لنقابة الطالبيين، و تحمّله لأعباء هذه المسؤولية الكبرى، و ما يرتبط بها من أعمال و مواقف كبيرة و متعددة، و التزامات شاقة منهكة، و حيث بقي متول لها حتى وفاته عام ٦٦٤ ه.
٢) راجع روضات الجنات ٤:٣٢٥.
٣) سبق للمؤسسة أن ترجمت للسيّد ابن طاووس (رحمه اللّه) في بعض اصداراتها التحقيقية لكتبه، راجع: الأمان من أخطار الاسفار و الازمان، الدروع الواقية من الأخطار. و للمزيد من التفصيل تراجع المصادر التالية المتعرّضة لترجمة حياته (رحمه اللّه) : أمل الآمل ٢:٢٠٥، لؤلؤة البحرين:٢٣٥، روضات الجنّات ٤:٣٢٥، تنقيح المقال ٢:٣١٠/٨٥٢٩، الكنى و الألقاب ١:٣٢٧، أعيان الشيعة ٨:٣٥٨، معجم المؤلّفين ٧:٢٤٨، الأنوار الساطعة:١١٦، البابليات ١:٦٥.