هل الاستصحاب مسألة اصولية
وقد بينا هناك ، أن اختصاصها بالمجتهد ليس من حيث كونها من المقدمات المؤدية إلى استنباط الحكم، لتكون كاشفاً عن كون المسألة أصولية، بل من حيث ان خيرة تطبيقها على مصاديقها واحراز تحققها - الموقوف على الفحص - مختصة بالمجتهد، ومثله موجود في سائر القواعد الكلية الفقهية أيضاً.
وذكرنا هناك أن التقصي عن الاشكال - بالالتزام بتعميم الاستنباط من أحد وجهين أو منهما معاً :
إما بدعوى أن إيجاب تصديق العادل، وايجاب إبقاء اليقين إيجاب كنائي عن جعل الحكم المماثل لما أخبر بوجوبه العادل، ولما أيقن بوجوبه المكلف. وهذا المقدار من التوسيط الناشيء عن التلازم بين الكنائي والحقيقي كاف في مرحلة الاستنباط فالبحث في الاصول عن هذا الملزوم الكنائي، وفي الفقه عن ذلك اللازم الحقيقي.
وإما بدعوى أن الاستنباط والاجتهاد بمعنى تحصيل الحجة على حكم العمل بمعنى يؤدي إلى العلم بحكم العمل حتى يقال : لا علم بالحكم، بل مجرد ما ينجزه شرعاً .
فشأن المسائل الاصولية : البحث عن الحجية ولو بمعنى المنجزية.
وشأن المسائل الفقهية: إثبات الحجة على التكاليف المتعلقة بأفعال المكلفين.
وتوقف تحصيل الحجة على الفراغ عن الحجية في فن الأصول واضح .
ونزيدك هنا : إن تعميم الاستنباط بالتقريب الأول، وإن كان مفيداً في مقام التوسيط، لكنه غير مفيد في مقام إثبات الحجية، إذ مجرد جعل الحكم المماثل لباً، أو جعل الحكم كنائياً لا ربط له بالحجية.
بل الحجية إما بمعنى الوساطة في الاثبات أو الوساطة في التنجز.
وعليه فجعل الحكم المماثل لما أخبر بوجوبه العادل - بعنوان أنه هو الحكم الواصل بالخبر جعل موصلية الخبر و وساطته لا ثبات الواقع عنواناً.
فالواصل بالذات، وإن كان هو الحكم المماثل بنفس دليل الاعتبار، إلا أنه حيث بلسان أنه الواقع الواصل بالخبر، فالحكم الواقعي بالعرض يكون واصلاً، وإن لم يكن عنوان كنائي أيضاً.
فالمبحوث عنه في الأصول : وساطة الخبر لإثبات الواقع عنواناً، أو لتنجزه حقيقة ،
(۱) ج ۱ : ذیل تعریف علم الأصول التعليمة ((۱۳) وج ١ : اول البراءة : التعليقة.
(۲) كما ذهب اليه الشيخ الاعظم (قده) في رسائله : ص ۳۲۰ : في الأمر الثالث بعد تعريف الاستصحاب.