ابن روح رضي اللّه عنه كان وكيلا لأبي جعفر محمّد بن عثمان العمري رضي اللّه عنه سنين كثيرة ، ينظر له في أملاكه ويلقى بأسراره الرؤساء من الشيعة ، وكان خصّيصا به ، حتى أنّه كان يحدّثه بما يجري بينه وبين جواريه لقربه منه وانسه. وكان يدفع إليه في كلّ شهر ثلاثين دينارا رزقا له ، غير ما يصل إليه من الوزراء والرؤساء من الشيعة ، مثل آل الفرات .. وغيرهم لجاهه ولموضعه ، وجلالة محلّه عندهم ، فحصل في أنفس الشيعة محصّلا جليلا ، لمعرفتهم باختصاصه إيّاه ، وتوثيقه عندهم ، ونشر فضله ودينه ، وما كان يحتمله من هذا الأمر ، فتمهّدت له الحال في طول حياة العمري إلى أن انتهت الوصية إليه بالنصّ عليه ، فلم تختلف
__________________
أبو يعقوب إسحاق بن إسماعيل ، وأبو الحسين علي بن عباس لم يستطع أحد أن يزاحم المترجم ، فكانت داره محطّا لأركان بغداد وأعيانها ، فكان الأعيان والوزراء والكتّاب المخلوعين عن العمل يجتمعون عنده فيقضي حوائجهم ، ومنهم : أبو علي بن مقلة لمّا تصدّى محمّد بن رائق شئون الدولة والخلافة أمر بمصادرة جميع ما يملكه ابن مقلة ، فلجأ إلى حسين بن روح واستمدّ منه العون في إصلاح أمره ، فطلب المترجم من أبي عبد اللّه النوبختي أن يصلح بينه وبين ابن رائق ، فأصلح بينهما وأخرج عن بعض أملاكه ودوره ، والظاهر أنّ ذلك كان في سنة ٣٢٥ في خلافة الراضي باللّه العباسي ، وفي هذه السنة إلى سنة ٣٢٩ كان المترجم في قمّة العزّ والجلالة ، بحيث كان خليفة الوقت يثني عليه ، والناس يلتفّون حوله من المؤالف والمخالف لرزانة عقله ، وشدة اتصاله بمولاه الحجّة بن الحسن عليه أفضل الصلاة والسلام ، وظهور المعجزات من الإمام عليه السلام على يده ، وقد تناقلت كتب المعاجز والآثار ما جرى على يده من مغيّبات الامور ، وخلاصة القول : إنّ جلالة المترجم وزعامته على الطائفة وشدّة اتصاله بالإمام المنتظر عجّل اللّه فرجه الشريف ممّا تسالم عليه الكل ، وقد اعترف بزعامته على الشيعة ـ رفع اللّه تعالى شأنهم ـ الذهبي في دول الإسلام : ١٩٧ في شرح أيام خلافة الراضي فاستوزر ابن مقلة ، فأحضر الشلمغاني الزنديق وسمع كلامه ، فأنكر ادّعاء الربوبيّة ، وقال : إن لم تنزل العقوبة بعد ثلاثة ـ وأكثره بعد تسعة أيام ـ فاقتلوني ، وكان أولا قد دعا إلى الرفض ، ثم قال بالتناسخ والحلول ، وكان يمخرق على الجهلة كدأب الحلاج ، وأظهر شأنه زعيم الرافضة الحسين بن روح ..